تلك هى ليلته الأولى التى يستريح فيها محارب مساعدة الفقراء والبسطاء من رواد عيادته فى قبره إنه دكتور الغلابة كما كان يحب أن ينادى به دكتور محمد مشالى، كما أننا مازلنا نلقبه بهذا الاسم.
كان يحدثنا دائما الدكتور مشالى أنه وهب نفسه وعيادته للفقراء والطبقة المتوسطة، وقص علينا قصة الطفل الذى كان يعانى من مرض السكر وعندما طلب من أمه شراء حقنه أنسولين، أبلغته أنها لم تستطع شراءها، بسبب أن كل ما لديها من مال فى تلك الليلة لا يكفى إلا لشراء بعض الطعام البسيط له وأخواته، ليقدم الطفل على الانتحار لكى لا يكون عبئا على أمه وأخواته، ومنذ ذلك الحين أقسم طبيب الغلابة على نفسه أنه سوف يوهب حياته وعلمه للفقراء والبسطاء والمحتاجين، حتى قبل وفاته لم يتعد ثمن الكشف الطبى العشر جنيهات، والتى فى بعض الأحيان تشمل ثمن الكشف والتحاليل بل وبعض الأدوية.
مات الدكتور مشالى ولم يمت الفقراء والمحتاجون والبسطاء من رواد عيادته فى طنطا، أو بدمنهور رحل طبيب الغلابة وترك خلفه معاناة وتفكير كبير لدى رواد عيادته عن القدوم لبعض العيادات التى يتراوح أسعارها من مائة وخمسين جنيها حتى أسعار أطباء Five Stars التى تتراوح أسعارهم لآلالف الجنيهات والتى قد تحتاج إلى بضعة أشهر كى تقابل هذا الطبيب.
أدعو كل محبى الدكتور مشالى من الأطباء أن يحافظوا على تلك العيادات باستمرار، وفتحها أمام الفقراء والغلابة بنفس الأسعار التى كان يقدم بها الخدمة الدكتور مشالى.
أعلم علم اليقين أن الأغلبية منكم هم حقا ملائكة بأرديتهم البيضاء كالراحل الطبيب محمد مشالى، وأن مهنتكم من أنبل المهن وأشرفها، وأن الإنسانية والإحسان هو ما يميز هذا الشعب عن باقى شعوب العالم.
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ}
رحم الله طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالى وأسكنه فسيح جناته
خالص محبتى..