“الصدق“ مطابقة منطوق اللسان للحقيقة، والخبر للواقع، والظاهر للباطن، ولا يقوم دين ولا تستقيم دنيا إلا به، إذ الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب؛ فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يدفع الآخر، هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج.
والصدق الذي ينفع صاحبه يوم القيامة هو الصدق الموصول بصدق الدنيا، إذ أن الآخرة دار جزاء لا دار عمل، لذلك كان ثمرة صدق الصادقين في الدنيا أن فازوا بالجنة يوم القيامة؛ فكان الجزاء من جنس العمل.
قال الله تعالى: {قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
ومجالات صدق العبد تتحقق بما يلي:
- الصدق مع الله: بإخلاص الأعمال كلها لله سبحانه، وباتباع أوامره واجتناب نواهيه، وبالدعوة إليه.
- الصدق مع النفس: بأن يعترف بعيوبه وأخطائه ويصححها، لا أن يخدع نفسه، ويهمل شأنها، ويترك محاسبتها.
- الصدق مع الناس: بأن لا يكذب في أقواله وأفعاله مع الآخرين، وأن يصدق في النصح لهم، وفي حبهم، وفي التعامل معهم.
فلنحذر من خداع أنفسنا وتبرير الترخص في الكذب، واختراع الأعذار الواهية؛ فإن النفس ضعيفة، وأمارة بالسوء، إلا ما رحم ربي، إن ربي غفور رحيم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين، وأن يحشرنا في زمرة الصديقين، وأن يعصمنا من الكذب والزلل، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يحسن لنا الختام، وألا يتوفانا إلا وهو راض عنا، وأن يرزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيمًا.