"في يوم من الأيام، ستكون المكاتب شيئًا من الماضي" هكذا يقول رجل الأعمال والملياردير الأمريكي ريتشارد برانسون.
وفي الوقت الراهن، ومع بداية أزمة كورونا (كوفيد-19) اتخذت الدول العديد من الإجراءات الاحترازية وفقًا لبروتوكولات منظمة الصحة العالمية للحد من انتشار وباء كورونا، ومع الإغلاق الكامل، أدى الأمر لاتخاذ الدول مسارات جديدة للعمل في ظل الأزمة.
ومن هنا، كانت الحاجة لإيجاد نظام عمل جديد يساعد الدولة في ظل الأوضاع الحالية على استمرار العمل دون توقف، ويعتبر نظام "العمل الهجيني" الخيار الأكثر مرونة للشركات والمنظمات، ويجعلها أكثر جاهزية للتعامل مع سوق العمل المتغير، والثورة الصناعية الجديدة، وجائحة كورونا المستجد.
فالتوسع في نظام "العمل الهجيني" خطوة ستسهم في تطوير العمل، فضلا عن أنها ستسهم في تخطى الأزمات والعقبات في المستقبل، خاصة في ظل توجه الدولة إلى رقمنة كافة خدماتها.
ويرتكز "العمل الهجين" على دمج نظامي العمل المكتبي و"العمل عن بعد"، مع تلافى عيوب كل منهما، فمن مميزات "العمل الهجين" تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، الأمر الذي ينعكس على أداء وسلوكيات العاملين، فقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، يجعل العاملين أكثر شعورًا بالسعادة في العمل، فالموظفون الذين يعيشون توازنًا بين مسئوليات وظائفهم، ومسئوليات حياتهم الشخصية، والعائلية، والاجتماعية، يتحقق لديهم الرضا الوظيفي، ويعتبر نظام "العمل الهجين" أساس لتحقيق المرونه في العمل، وتمكين العاملين.
كما أن نظام "العمل الهجين" يساعد على توفير نفقات البنية التحتية، حيث تخفيض تكاليف المكاتب، والمعدات، والتجهيزات، وكذلك النفقات الجارية، مثل فواتير الكهرباء ورسوم ساحات انتظار السيارات، وتقليل معدلات الغياب وسرعة انجاز العمل.
فنظام "العمل الهجين" لا يقلل من جودة العمل بل يلعب دورًا فعالا في نشر الثقافة الإلكترونية والعلمية بين العاملين، ويتيح لهم الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، والخبرة المكتبية.
ويقوم هذا النوع من العمل على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في تقديم العمل بشكل مهني مرن يبدأ بوجود العاملين في موقع العمل؛ بهدف إعداد الكفاءات من الفنيين والمشغلين والتقنيين بما يلبي متطلبات سوق العمل.
ويتم تنفيذ نظام "العمل الهجين" الذي يجمع بين الجانبين التقليدي والتكنولوجي من خلال عمل مهني ومهارات وظيفية بما يمكن للعاملين من تقديم الخدمات بشكل أفضل وجودة عالية.
ويتمثل المرتكز الثالث في إعداد العاملين بما يساهم في تعزيز قدراتهم من خلال تمكين العاملين من المهارات المهنية الاحترافية تتماشى مع المتطلبات الحالية والمستقبلية.
إن نظام "العمل الهجين" يعتبر خروجًا عن التقاليد السابقة في أنظمة العمل لحداثة الفكرة، لذا تحتاج إلى سياسات ومعايير إدارية جديدة يتم وضعها لمنهجية العمل، ونظم توزيع المسئوليات، ومنهجيات المتابعة، وأخلاقيات وأدوات العمل.