فضل منك عزيزي القارئ، أن تأذن لي في هذه الآونة وعلى استحياء، بضع سويعات من براح ذهنك وسيل افكارك المتقدة، نتشارك سويا، نفكك معا علامات ورموز استفهام لفيض من أشياء شتى، تطوف بخيالي، تزاحم خاطري، تشوش هدوء عقلي واتزان فكري. مثل لوحة زيتية ألوانها مزج بين البهجة والإشراق تارة، والشجية تارة أخرى. رموز استفهام لأشياء تترا غير مرئية، تربك واقعنا المرئي " يالها من مفارقة المضحكات المبكيات "، تكدّر سلامنا الاجتماعي، تغرس في الأرض أشواكا فماذا تطرح ؟!! نتوجس منها خيفة لا ندري خير هى ام شر أحاط بنا.
هل باغتتك مثل هذه الأشياء بعنفوانها القاسي أبدا ودون سابق إنذار، في ليل من ليالي السمر، تتجاذب أطراف الحديث، فتنتفض معها ولها سائر أجهزتك العصبية والمناعية، تتوجه إلى حلبة المصارعة في مواجهة شرسة لهذا الشبح اللامرئي، تقاتل بضراوة للمفازاة بمفاتيح اتزانك، والنجاة بليل حديث سامر إلى الشطر الآخر من النهر " لا علم لنا بأمانه بعد " فقط مجرد المحاولة. من منا في صحوته لا تنتابه إحدى حالات مخادعة العقل ومغازلته ببعض من أفكار إيجابية، أو رحلة موسيقية في ثنايا الروح، محلّقا بنغماتها في السماء العلى ومسافراً إلى حيوات وعوالم أخرى، وسيلة لترويض الذات بعدم الانسياق إلى سلبية الأشياء مهما تعاظمت وامتدت. إنها حالة انغماس برهة من الوقت في قصة مفادها " طاقة إيجابية تعادل حياة أفضل " . ويمضي اليوم دون عناء، ثم ما تلبث أن تتسلل إلى كيانك في صبيحة اليوم التالي وعلى مهل بعض من رموز وعلامات الاستفهام " وكأنه الملاذ والخبيئة "، تراود الذهن عنوة ودون استئذان، فتفسد ما طرأ على مزاجك العام من غبطة وحالة سلام مع النفس لم تدم إلا سويعات. من منا لم يمكث على الأريكة ساكنا صامتا، متأملًا سفرة سياحية ذات أمد بعيد، تتسم بالطابع الثقافي شعارها " سفرة آمنة ومتعة دائمة بإذن الله "، وإذ بيد ثقيلة تهز كيانك بغتة، تعلن عن ميعاد الإفاقة من سفرة الخيال، تخط ّكلمات تتدارك بها تتمة الشعار، آلا وهى " عذراً عزيزى المسافر مع وقف التنفيذ " .
هكذا دوما حلم ثم إفاقة، تباغتنا رموز وعلامات استفهام لأشياء تترا غير مرئية، في الصحوة والغفوة، في صمت البراح، في سامر الحديث بليل مخملى، نفر منها فتفر إلينا . فيارب أين الملاذ مالنا سواك.