ما أجمل الموت والرحيل من دار الدنيا إلى دار الحق عندما تترك خلفك إرثاً ليس من كنوز الأموال أو القصور أو المناصب.. ولكن إرثاً من رضا الله عليك تراه في محبة الناس الذين يجعلون من موتك نور وذكرى تنير حياتهم كلما تذكروك وتذكروا سيرتك الطبيبة وعطاءك ووقوفك بجانبهم معنوياً في فرح أو حزن أو ذكريات حتى وإن كان في شكل ابتسامة أو كلمة طيبة.. فتبقى ذكراك ترفرف بينهم وبين الأماكن التي كنت تغدو بينها تنير لك قبرك وتمحو بها ذنوبك وترفع لك درجاتك كلما تذكروك ودعوا لك بدعوة بظاهر الغيب، وكأنك تعيش بينهم أبداً..
إنها المحبة الخالصة لوجه الله سبحانه وتعالى يلقيها في القلوب برضائه عنك فعسى أن نكون من هؤلاء الناس وحسن أولائك رفيقاً.. فاجتهدوا في أن تنالوا البر دون تكلفة أو عناء أو شقاء، ابتسموا في وجوه الناس لوجه الله.. ساعدوهم وسهلوا لهم أمرهم في الدنيا يسهل الله عليكم في الآخرة.. لا تمنعوا علمكم عن الناس.. لا تردوا سائل ولا محتاج ولو بكلمة طيبة.. اجعلوا قلوبكم بيضاء وطهروها من السواد.. لا تستمعوا إلى أنفسكم ولا إلى وسوسة الشيطان.. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء...
واعلموا.. أن كلنا زائلون وكلنا له أجل سواء كان قريباً أو بعيدا.. فاعملوا له وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.. رحم الله موتانا وموتاكم وموتى المسلمين.