إن البيان الإلهى يصف لنا أقوى صور السلام ويصف المؤمنين بالتسامح والمسالمة فى قوله تعالى {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}، وقد سمى دار السلام هو الجنة فى قوله تعالى {لهم دار السلام عند ربهم}، وكذلك جعل التحية فيها سلاما فى قولة تعالى {تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريما}، ويبشر الله سبحانه وتعالى فى كتابة الكريم المؤمنين الأتقياء بأن الملائكة ستحييهم فى الجنة قائلا فى البيان الإلهى {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلو الجنة بما كنتم تعملون}.
الإسلام والسلام يجتمعان فى توفير الهدوء والوقار والاعتدال والسكينة ولذلك لو نلاحظ فى أن كلمة الإسلام تجمع مثل حروف السلم والسلام، وقد جعل المولى سبحانه وتعالى السلام تحية المسلم، وذلك من أدب الدين الإسلامى أن لا ينبغى أن يتحدث الإنسان المسلم مع أخيه المسلم قبل أن يلقى عليه كلمة السلام، حيث قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم {السلام قبل الكلام}، والمعنى فى ذلك أن الإسلام هو الأمن والأمان لا للقول ولا الامتنان فالإسلام يجمع المحاسن الاجتماعية والفضائل الإنسانية.
ونضرب مثالاً ولله المثل الأعلى، أن لا شك أن سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالإنسانية والسلام ورحمةً لكل الناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور حتى يصل الناس جميعاً إلى أفضل مراتب الأخلاق الإنسانية. فكانت كل القبائل العربية وغير العربية قبل مجىء سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم تتقاتل فيما بينها بسبب أو بغير سبب، وقد جاء الإسلام يحمل السلام ليخرج الناس من هذه الحياة الصعبة المعقدة وينتشلهم إلى الأمن والسلام.
وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بإبعاد الناس عن الحروب والعداوات ويفكر جيدا ويبحث دائما عن الأمور السلمية والسليمة والمعتدلة للتعامل مع المعارضين له.
إن السلام بمعناه السلمى هو رغبة محتومة وأمنية أكيدة يتمناها كل فرد يتنفس فى هذه الدنيا، فالسلام يجمع كل ما يتعلق بالمسلمين فى كافة أنحاء الحياة ويضم كل الناس والمجتمعات والشعوب والقبائل والأديان، فإن توفر السلام توقفت المشاكل والضغائن والأحقاد بين الناس، وعمت الطمأنينة والمحبة والمودة بين الشعوب.
كما يجب علينا أن نعلم بأن هنالك لوائح وشروط الذى ينبغى توافرها كى يتحقق السلام بأكمل وجه، تظهر فى العدل والمساوة والأخوة بين كافة الشعوب وكل الأديان، فديننا الحنيف يبين للناس، بغض النظر عن تباين معتقداتهم وألوانهم وألسنتهم، فهم إخوة فى الإنسانية، ومنه قول سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم {كُلُّكم لآدمَ، وآدم من ترابٍ، لا فضلَ لعربى على أَعْجَمِى إلا بالتقوى}.
إن أثر الإسلام فى تحقيق السلام يأتى فى تعزيز التعايش السلمى وبث التراحم بين كل البشر ونبذ العنف والكراهية والتطرف بكل صوره ومظاهره البشعة، يجب علينا أن نتنفس السلام فى دنيانا ولا يكتمل السلام إلا بالانسانية ولا تكتمل الإنسانية إلا بالإيمان والتقوى، وكى نعرف معنى الإيمان والتقوى يجب علينا الاقتداء بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأن نقدر الله حق قدره ونتقيه حق تقاته فى أعمالنا وصفاتنا وحديثنا وبعد توفر كل ذلك سوف يعم السلام عن طريق الاقتداء بدين الإسلام.
إن التاريخ ليقص فيما يريد أن يقص من أخباره حقيقية أن العالم السابق كان يئن من عسف الإمْبرَاطُوريين، ومن مظالم الاضطهاد الديني، فلما جاء الإسلام بسماحته وعدالته رحب العالم به لأنه وجد فيه ملاذه وسلامه وأمنه، كما أن الإسلام الذى يدعو إلى القوة وكذلك إنه أيضا يدعو للسلام، فلا جبروت ولا طغيان، ولا ذلة ولا استسلام، فهو خير الأديان، وخاتم الأديان.