لا يمكننا التفريق بين نجمة ميتة ونجمة حية، لكن يمكننا التفريق بين نجمة متوهجة ونجمة منطفئة، البشر كذلك.. فالإنسان المنطفئ يُلَقَب بميت على قيد الحياة، والإنسان المتوهج يُسَمَى بالشخص الحى لأنه حى بالفعل.
الإنسان المنطفئ.. ليس مجرماً فربما يكن ضحية للظروف والزمن، ليس كل الذين يتبادلون الأنفاس يكونوا أحياء.. لكن الذين تُرفرف أروحاهم هم الأحياء الحقيقيون، تشع منهم البهجة بالرغم من الحزن الدفين، يأملون غداً ويعشقون اليوم ولا يبالون بالأمس، لا يعتبرون انفسهم من ضمن سكان أمس المؤلم.. فيسعون لتحقيق اليوم بأفضل حال وكأنه آخر يوم قبل الرحيل.
الأحياء الحقيقيون ذوى الأرواح المتوهجة ليس بالضرورة أن تكون حياتهم وردية سهلة، لا يوجد شخص على وجه هذا الكوكب لا يعانى ولا يتألم، لكن يوجد شخص يستسلم للألم والمعاناة.. يتلذذ بالشكوى لأنه يتلقى نظرات الشفقة الحنونة، يعشق مؤازرة أحبابه الذين لا يتفقدون أحواله سوى عند ضيقاته.
ربما ذلك الشخص يعشق المعاناة بسبب ذلك.. بسبب بعد أحبابه وهو فى حال جيد، لكنه يريد الجميع حوله لذا فنجد ذلك الشخص يختلق الألم.. ذلك الشخص ليس مذنباً كل الذنب، ذنبه الوحيد هو بناء حاله على البشر بالرغم عدم بناء الذين حوله عليه، لذلك فيشعر بالفراغ .. فيرغب بملئه عن طريق المعاناة والاستغاثه بأحبابه.
ذلك الشخص مسكين لأنه يتغفل بأن أحبابه لابد إصابتهم بالسئم يوماً ما بسبب طبيعتهم البشرية ذلك الشخص ستصبح معاناته معاناة حقيقية ولن يجد مَنْ يستند إليه.
يوجد نوع آخر يعانى معاناة حقيقية ولا يبالى بوجود الاحباب حوله.....لكنه يترك نفسه لموجة الظروف، يترك للأيام بقيادة لجامه وكانه حيوان بلا عقل وبلا ارادة.....فيكن ميتاً على قيد الحياة، الميت ليس مَنْ تفارقه روحه لأن الروح خالدة لن تموت أبداً...ربما يكون الجسد ميتاً لأنه بلا روح لكن التراب سيبتلعه لان ذلك ماواه الاصلي، بينما الميت هو مَنْ يميت روحه قبل مفارقة جسده... يسمح للظروف بقتل روحه.... فبالتالى لا يشعر ولا يبالى ولا يدرى ماذا يحدث، ويكن كالمُغَيب عن الحياة لكنه فى عز الحياةيعد الايام منتظراً موعد رحيله وكأنه خُلِقَ ليتعذب ويتذوق المرارة فقط... ذلك النوع اراه غبياً إلى حد ما لأنه أهدر فرصة الحياة التى يتمناها سكان القبور.
بينما الشخص المتوهج يُعانى ويعشق أوجاعه مؤمناً بان تلك الأوجاع ستكن خطوة من خطوات الوصول للانتصار......يدرك ان الألم لابد حدوثه، لأن من الالم نستخلص دروس الحياة.
فكيف يُقدر الشخص قيمة الوفاء وهو لا يُجرب الغدر؟
وكيف يعلم مذاق النجاح ان لم يتلوى ألماً من مرارة الفشل؟
وكيف يحمد الله على وجود احبابه ان لم تقتحمه الوحدة؟
لابد عيش كل حالة ونقيدها فى الحياة حتى نعرف معنى وقيمة الأخرى لابد عشق الألم والتخطى له ثم التعايش، حتى نستطيع اختلاق الأحلام والسعى من اجلها، لابد السعى لتتوهج أرواحنا، لابد دهس الاوجاع دون خجل لانها دهست ارواحنا اولاً، الالم يريد احياناً موت ارواحنا، واحياناً اخرى يرغب فى تقويتنا حتى تكن ارواحنا صلبة وقوية لا تحركها رياح الزمن بسهولة، فليس كل الم ضار....لذا فالتصالح مع الالم امر مهم....فهذا حل للبشرية المتألمة.
لابد التذكر بأن الله لم يخلقنا للعذاب...بل خلقنا للمتعة، لابد تحفيق هدف الخلق، لابد توهج ارواحنا حتى وان الواقع يؤيد بحتمية موتها.
الواقع ليس المتحكم فينا بل الله ثم الإرادة وعشق الحياة الفائضة بالألم.....فكما تمتلأ الحياة بالألم....تفيض أيضاً بالسعادة والراحة.....فاذا كنت تعافر من اجل توهج واضاءة روحك مجدداً فلابد نوال قسط من الراحة والسعادة والبهجة كما نلتَ أقساط من الألم والاوجاع من قبل الوصول لاضاءة الروح امر شاق للغاية لكنه يستحق بقضاء الايام بأكملها لتحقيق ذلك.