عندما يشعر الفرد بأنه مُرَاقَب ومعرض للنقد الدائم فى تصرف ما فى موقف معين، فإنه بتلقائية يفعل عكس هذا التصرف حتى يهرب من حالة النقد والنظرات اللاذعة.. بمعنى آخر.. قد يتهمك أحدهم أنك عنصرى ودائم الانحياز لفئة معينة دون مبرر فيكون تصرفك التلقائى أنك تنحاز إلى الفئة الأخرى لكى تثبت للجميع أنك غير عنصرى... مثال آخر.. ينتقدك البعض أنك لم تحسن تربية ابنك وأنه دائم الأخطاء وأنت بدورك دائم التدليل له.. فتجد نفسك بتلقائية بدون أى حسابات تمسك بابنك وتضربه أمام الجميع، لإثبات عكس ما يتهمونك به.. تلك هى فئة معينة من الناس.. أما الفئة الأخرى فهى عكس الأولى تماماً.. هى فئة كما يقولون (العِند راكبها)، بمعنى: أنها تلك الفئة التى كلما تعرضت للنقد تزداد فى تأكيد تصرفها وتجد لنفسها المبررات والأعذار وتكرر الخطأ مرات ومرات ولا تستمع لأى نصيحة.. هذا بالضبط ما يحدث الآن فى بلادنا.
لقد أصبح العند والكبرياء هو محرك الشخصيات... فمن الصعب جداً أن تجد مسئول يعترف بخطئه أبداً بل ينكر كل شىء معللا ذلك أن الخطأ ليس منه ويكرر الخطأ ولا يستمع لأحد، ويظن دائما أنه بعيد عن الأخطاء والآخرين هم سبب الأخطاء.. متى سيكون لدينا الشجاعة للاعتراف بالخطأ.. فلو حدث ذلك، فسيتم حل معظم القضايا المعلقة.
لست أعلم هل السبب فى عنادُنا هذا.. إننا لم نتعود على الاعتذار والاعتراف بالخطأ منذ أن كنا صغارا.. وأن التربية هى السبب سواء كانت فى البيت أو فى المدرسة، فلم نتعود على كلمة (أسف) معتقدين أن هذا ضعف من نوع ما.. أم لأننا نعيش بدون مُثل عليا، ونقلد دائماً الأشياء السيئة والمناظر القبيحة معللين ذلك بأن هذا هو مسايرة الواقع.
ألم ننظر إلى تقدم الدول الأخرى والى اين وصلوا سواء كان هذا التقدم تكنولوجياً أو فكرياً.. وأن شعوبنا مازالت تتحرك مثل السلحفاة فى مسألة التقدم، بل فى بعض الاحيان أرى اننا نرجع للوراء فكرياً.. ونسعى بل نسابق الزمن فى استيراد قصات الشعر الغريبة والملابس الضيقة وأحدث الموبايلات فقط للتباهى امام الاخرين.
نفتخر دائماً أننا شعب متدين لكننا للأسف اصبح تديننا ظاهرياً لم نطبقه عملياً فى حياتنا.. بمعنى أن التدين لا يظهر فى تعاملنا مع بعضنا.. فنحن نحتقر الآخر.. نظلم.. نكذب.. لا نراعى الله فى عملنا.. وغيره وغيره..... ثم نقول: الحمد لله انا أفضل الجميع.. فهل يعقل هذا ؟
فهل نحن فى ارتباك لفهم الواقع؟.. أم نحن نرى الواقع جيداً لكننا نغالط أنفسنا وهل نرجع لمقدمة الموضوع ونقول أن العند والكبرياء هما سببان لمعظم مشاكلنا.