أعلنت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج في يوم 21 أغسطس الجاري الوقف الفوري لإطلاق النار وكافة العمليات القتالية في جميع أنحاء البلاد. وأصبح هذا الإعلان دليلا واضحا على أن السياسة الحاسمة تقودها مصر تجاه ليبيا حققت هدفها الرئيسي وهو إحباط خطط لبسط السيطرة الكاملة على العملية السياسية والموارد الطبيعية في ليبيا.
التصريح الشهير الذي ألقاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وحدد من خلاله "خط أحمر" لقوات موالية لحكومة السراج كان نقطة تحول مهمة في تطور الوضع الميداني في الصراع الليبي.
بعد إعادة الاستيلاء على ضواحى طرابلس الحنوبية وترهونة وقاعدة الوطية الجوية، لم تر ميليشيات الوفاق المدعومة من مرتزقة سوريين أي عقبات لاقتحام مدينة سرت وقاعدة الجفرة الإستراتيجية.
وجاءت مدينة سرت التي تعتبر عن بوابة رئيسية إلى منطقة غنية بالنفط ما تسمى الهلال النفطي تحت تهديد الاحتلال من قبل مقاتلين سوريين . وغير أن الخطوة الحاسمة والثابتة قام بها الزعيم المصري أحبطت خطط سرقة النفط الليبي تحت ستار التعاون مع السلطات العميلة في طرابلس.
يجب الاعتراف بأن إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا تضمن عدة نقط أساسية التي جاءت أولاً في مبادرة سلام القاهرة. ودعا فايز السراج في بيانه إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا، مشدداً على ضرورة استرجاع السيادة الكاملة على التراب الليبي وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة.
علاوة على ذلك، أخذ السراج بعين اعتبار نقطة مهمة أخرى في إعلان القاهرة وهي توزيع عادل للعوائد النفطية بين الأقاليم الليبية الثلاث (برقة وطرابلس وفزان). في هذا الصدد، أفاد السراج بأنه يتم إيداع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الخارجي الليبي.
أكد أنه لا يتم تصرف فيها إلا بعد التوصل الى ترتيبات سياسية جامعة وفق مخرجات مؤتمر برلين، وبما يضمن الشفافية والحوكمة الجيدة تحت رعاية البعثة الأممية لدعم ليبيا والمجتمع الدولي.
مستقبل تسوية سياسية في ليبيا ما بعد الهدنة
حالياً تشهد مناطق غربية في ليبيا حالة من التوتر والاحتجاجات الشعبية الكبيرة بسبب استياء السكان المحليين من تردي أوضاعهم المعيشية وتدني الخدمات العامة وفساد السلطات. واندلعت مظاهرات واسعة في يوم 23 أغسطس في عاصمة طرابلس ومصراتة بعد أن أطلق مسلحون موالون لحكومة الوفاق النار على محتجين سلميين مما أدى إلى جرح عدد من المدنيين.
على خلفية الاحتجاجات، إعلان الهدنة واستئناف الحوار السياسي يمكن أن يكونا فرصة أخيرة أمام حكومة السراج من أجل تحسين صورتها في الراي العام. ويدفع كل من عدم الكفاءة وفساد الحكومة الليبيين إلى حالة اليأس. فليس أمامهم سوى طريق وحيد من أجل التخلي عنها وهو القضاء على النظام الفاسد وإعادة بناء السلطة لتكون فعالة وخالية من الاحتلال الأجنبي الذي يستغل موارد وثروات ليبيا على حساب شعبها.