استوقفنى فى منتصف الشارع (فجأة) وذكّرنى بنفسه وبأيام طفولة مدرسية عشناها سويا..
ارتسمت على وجهى نظرة بلهاء، حاولت إخفاءها قدر المستطاع، وأجهدت عقلى محاولا تذكره أو استرجاع ما يقول من مواقف وأحداث وقد فشلت تماما، توقف عن استرساله فى الحديث، مستريبا ومدقّقا فى وجهى، وقال يبدو أنك لا تذكرنى فعلا !
أزعجنى جدا أنه قرأ ما بداخلى وما ارتسم على وجهى، بررت له ببعد الزمن والمكان واعتلال الذاكرة، ثم سلّمت عليه وتركته.
لست أدرى لماذا التفّت خلفى، أمعنت النظر فيه من جديد، متذكّرا شريطا من الذكريات الباهتة وعشرات السنوات الضائعة وقد مرت من العمر كقطار سريع وكأنها بالأمس القريب.. سنوات كثيرة لم تكن جميعها مفعمة بالبهجة والسرور، لكنها كانت ممتلئة بكثير من الأهل والأحباب والأصدقاء، منهم من غاب بالموت ومنهم بالنسيان وبعد المكان.