يعتبر الفقر من أكثر الظواهر المنتشرة فى مجتمعناخصوصًا ومن أهم الظواهر التى لابد أن توضع فى الحسبان لمحاولة القضاء عليها، لكن هناك سؤالا يفرض نفسه هل هناك علاقة وثيقة بين الفقر وسوء الأخلاق الذى نشاهده الآن؟ فإذا كانت الإجابة: نعم، فهل معنى ذلك أن سوء الأخلاق ينحصر فقط فى الطبقات الفقيرة ولا يوجد على الإطلاق فى الطبقات المتوسطة والغنية؟ بالطبع لا فهذا على نقيض ما نشاهده الآن فى مجتمعنا، وإلا كان الحل بسيطا ولاستطعنا التغلب عليه بكل سهولة.
إذن فالفقر لا يعنى على الإطلاق سوء الخلق المنتشر حاليًأ ولا حتى انتشار الجهل، فإذا كان الفقر حرم العديد من الأفراد من التعليم فهذا لا يعنى على الإطلاق جهل هؤلاء الأشخاص، خصوصًا وقد تمكنت وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة من توصيل المعلومات إلى كل الناس بمنتهى السهولة وبمختلف الطرق، فيمكنك الآن الوصول للمعلومة سواء من خلال القراءة أو من خلال مشاهدتها حية كما هى مدعمة بمؤثرات صوتية ومرئية، فلا يمكن الآن القول بأن الفقر سببًا كاملًا فى انتشار الجهل أو سوء الخلق وخصوصًأ بأننا نجد الكثير من النماذج التى لم يمنعهم الفقر من أن يصبحوا رموزًا فى مجتمعنا نعتز بهم حتى الآن كطه حسين وعباس العقاد وغيرهم الكثير، لكن يمكننا أن نقول أن الفقير قد يواجه العديد من التحديات التى إذا استطاع أن يتغلب عليها لاستطاع أن يغير مجرى حياته.
وتقبلًا للرأى والرأى الآخر فإذا كان الفقر هو شماعة الجهل وسوء الخلق، فما علاقة الفقر أيضًا بالنظافة الشخصية وهو أبسط شىء يمكن أن يقوم به الشخص حتى لو كان فقيرًا، هل الفقر يمنع الأشخاص من الاستحمام؟ فإذا كنت شخصًا فقيرًا ولا تملك المال الذى تستطيع به الحصول على العديد من المقتنيات وتشعر بأنك مثل الآخرين، فلا تنسى أنك لازلت إنسانًا كرمك المولى - سبحانه وتعالى - وأقرّ فى كتابه العزيز على وجودك وأهميتك وتذليل المخلوقات الأخرى لخدمتك، فلماذا هذا الذل الذى تشعر به؟، ولماذا تمشى بين الناس منحنى الرأس؟.
فإذا كان المجتمع له دور كبير فى وجود العديد من الفقراء فى مجتمعنا، فلا تستسلم قم وانهض وارفع رأسك. لا تقعدن فى الطرقات تلومن الدولة على إهمالها لك. ولكن تأكد بأن لديك العديد من القدرات وأن الله لم يخلقك عبثًا هكذا ولا عالةً فى كونه الفسيح. تأكد بأن لديك العديد من القدرات. فقط تحدى ظروفك ومجتمعك ومن حولك لا تستسلم لهم ولا تستسلم لنظرة المجتمع المتدنية لك. فإثباتك أنك شخص مثقف لا يحتاج ورقًا ولا شهادات إذا كنت غير قادر على الحصول عليها، لكن يحتاج أن تفرض نفسك فى مجتمعك. اجعل من حولك يشهد لك بذلك من خلال تعامله معك فاجعلهم يلمسوا تنوير عقلك وتفتحه واتساع دائرة المعارف لديك، حاول أن تكتشف نفسك فقد تجد فى نفسك التفكير الناقد والتحليل وقد تجد القدرة على التغيير والإنجاز واجعل العالم كله يقرّ بوجودك وأن تحقيق الهدف ليس له علاقة بالفقر على الإطلاق.