مشكلة "قناوى" هى نفس مشكلة غالبية البشر فى مجتمعاتنا الشرقية، كل منهم لديه طموح وأحلام تتجاوز واقعه البائس المفروض عليه من جملة المهمشين والفقراء من بنى جلدته ممن حوله، برغم التشابه بينه وبينهم كبير والفروق ضئيلة للغاية، فليس ثمة اختلاف مميز بين بطل الفيلم "العتّال أو الحمّال" أو "هنومه" بائعة الكازوزة المتنقلة بين عربات القطار وبين "قناوى" بائع الجرائد.
نندهش كثيرا من فكرة الفيلم، وكأن "قناوى" من طبقة دنيا والآخرين من طبقة أعلى اقتصاديا أو اجتماعيا، فالجميع فقراء ومهمشون والجميع من سقط المتاع مجتمعيا، ومع هذا حرموا "قناوى" من مجرد الحُلم والتخيّل، استكثروا عليه مجرد الطموح.
ما الذى فعله "قناوى" كى يُساق إلى مستشفى الأمراض العقلية؟ هل لأنه تطلّع إلى من فى مستواه المتدنى؟ يخُيّل أن الفقراء فيما بينهم يميلون ميلا كبيرا لتصنيف أنفسهم طبقيا بصورة تدعو للدهشة والعجب! ما بين "حمّال" وبائعة "كازوزة" وبائع جرائد وجميعهم يعيشون على أرصفة محطة قطار على هامش المجتمع الكبير والدولة، ضاع "قناوى" وغيره كثيرين.
"قناوى" ليس وحده (مريضا نفسيا)، بل جميع من حوله من طبقته ومجتمعه، ممن يفرضون تمييزا على بعضهم البعض رغم البؤس والشقاء الذى يحيون فيه.
كل منّا بداخله "قناوى" يسعى للخروج من دائرة ضيقة، لكنه يصطدم بآخرين على شاكلته يمنعونه ويأبون إلاّ أن يكون مثلهم أو أقل..