لحادث الطائرة المصرية المنكوبة التابعة لشركة مصر للطيران، دلالات عدة على الصعيد الإنسانى والسياسى والاقتصادى، فقد كشف هذا الحادث المشؤوم عن ما يُضمره الشعب المصرى من ثقافة التعامل مع الأزمة، بالإضافة إلى تعاطى إعلامنا معها، والاثنان مع الأسف الشديد قد تعاملا بطريقة سيئة جدًا، أساءت لنا قبل أن تُسئ للغير، ولا أقصد بذلك الشماتة التى أظهرها البعض عند سماع هذا الخبر، بل مقصدى يتضح من تصديق الكثيرين للفكرة التى رَوّجها الإعلام الغربى أنَّ الحادث الأليم وقع نتيجة انتحار كابتن الطائرة الشهيد مُحمد شُقير، فالغرب أراد لك أنْ تُصدق الكذبة وأنت بلعت الطعم، أمَّا عن وسائل إعلامنا فحدث ولا حرج، هى الأخرى عليها لومٌ كبير فى نقلها الدائم عن الغير دون تكبد عناء البحث والتدقيق والتحقيق فى مجريات ما حدث، رُغم أنَّ البحث سيكون فى اتجاه واحد، هذا الاتجاه لا علاقة له بمصر، فماذا قدمتم لبلدكم حتى الآن؟!، ليتكم تفهمون معنى "أنْ يكون لنا السبق"، يكفيكم حقًا مجهودكم الكبير فى التسابق لنقل الأخبار سواء أكانت صحيحة أم خاطئة عن غيركم.
أما بالنسبة للجانب السياسي، فمن الواضح بما لا يَدع مجالاً للشك أنَّ الغرب يُريد توريط مصر بأى شكل فى هذا الحادث وهى من ذلك بُراء، مع أنَّ كل الشواهد والإثباتات تؤكد على ضعف الموقف الفرنسي، إلا أننا دَرجنا على وضعنا فى موقف الاتهام دومًا ويجب على الخارجية المصرية، أن يكون لها رد حاسم على كل هذه التصرفات المُشينة، والتشديد على الترويج للعالم أجمع أنَّ مطار شارل ديجول تبدأ منه الحكاية لا مطار القاهرة، وأن الحكومة المصرية مُصرة على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التى من شأنها المحافظة على صورة مصر لدى الجميع.
كما يُعد العُنصر الاقتصادى العمود الفِقرى لهذه الأزمة، فالخوف من الركوب مع شركة مصر للطيران لهو أمر يدعو للضحك؛ لأنَّ الفكرة التى جعلها الغرب تَعلق فى الأذهان عن عدم جاهزية طائرات الشركة وعدم كفاءة طياريها، أساء كثيرًا لسمعة الشركة، وفجأة لاحَ فى الأفق الحديث عن أفضل 10 شركات للطيران فى العالم - وبالطبع لم يكن من بينهم طيران شركة مصر للطيران - وكأنهم قد تصيدوا اللحظة التى أرادوها من زمنٍ ليس ببعيد، وها هى قد جاءتهم على طبقٍ من ذهب، مع علمهم وهم يُروجوا لأكذوبتهم أنَّ الشركة تعيش فى الفترة الحالية واحدة من أزهى فتراتها، بعد تطوير لوائحها الداخلية ونُظمها، واستقطاب طائرات جاهزة للطيران عدد ساعات كبير، وتوفيرها للكثير من مُعدلات السلامة والأمان العالمية.
وأقول لمواطنى بلدى، وإخواننا من العالم العربى، لا تُعطوهم الفرصة لهز ثقتكم فى طيران بلدكم، سافروا مُجددًا على طيران الشركة، ادعموها فى كل مكان، تحدثوا عن الإيجابيات التى ترونها من العاملين فيها وعلى متن طائراتها، فالأرواح التى راحت ضحية هذا العمل الإرهابى – وأنا أتعمد وصفه بذلك الوصف – تستحق منكم أن تبذلوا كل ما لديكم من مجهود حتى تقطعوا خط الرجعة على من يريدون النيل من استقرار مصر لأنهم مُوقنون أنك إذا أردت الوثوب على أى بلد وسلبها مُقدراتها فعليك باقتصادها.
الأعمار بيدِ الله وحده، حتى وإن سافرت على متن الطيران الأفضل، وانتهى أجلك لن يَمنعك من قضاء الله شئ، فقضاء الله لا مردَّ له، لكن كَيد من يكيدون لنا لن يتوقف أبدًا، لكنى على يَقينٍ أنَّ كيدهم فى نحرهم بإذن الله، فقط علينا بالتآزر ونصر الله آتٍ لا محالة "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.