هل يحتاج الإنسان إلى الخلافات والصراعات والمشاكل؟! بالقطع ستكون الإجابة "لا"، ولكن لو تفكرنا قليلا سندرك الإجابة من الممكن أيضًا أن تكون "نعم".
فالخلافات أحيانا تُظهر ما بداخل البشر، فالبعض يُردد أن وقت الغضب لا يُقاس عليه، لأن الإنسان لا يقول ما بداخله، بل إن كل ما يخرج من كلمات يكون تحت تأثير الغضب والانفعال، ولكن هذا الكلام لا يُمكن أن يكون على إطلاقه، فأحيانا الخلافات تُظهر الحقائق التي بداخل كل شخص، سواء كان حبا أو كراهية.
لذا كثيرا ما نُصاب بالذهول عندما نرى أو نسمع أو نقرأ الكلمات التي نُفاجأ بها من أشخاص كنا نعُدهم من المُقربين، بسبب كم الكراهية الكامنة بداخلهم تجاهنا، والتي لا تظهر إلا في وقت الخلاف فقط، وكأن هذا الخلاف كان كرسي الاعتراف الذي أخرج كل ما في جُعبتهم من سهام الكُره والحقد والرفض.
ولكن أيضًا الخلاف يُظْهر الجانب الإيجابي من الإنسان، لدرجة أنك قد تنحني له احترامًا مثل أن تجد من يحتويك في غضبك، أو مَنْ يكون موضوعيًا لدرجة أنه يُظْهر النقاط الإيجابية في شخصيتك، ولا يبخسك حقك، أو يتمسك بك حتى في لحظات الغضب، أو يتغاضى عن المشاكل والخلافات التي بينكما، عندما يعلم بشدتك، أو مرضك، أو ألمك.
فالخلافات دائمًا تُظهر الجانب الخفي من حياة البشر، فهي إما أن تُظهر محاسنهم التي توارت خلف وجه يبدو عابسًا، أو تُظهر المساوئ التي تتوارى خلف وجه يبدو باسمًا.
فلا تُعولوا على أن الخلاف ليس معيارًا أو مقياسًا لما في القلوب، فأحيانًا يكون هو المرآة الحقيقية التي تُظهر ما فشلت العِشْرة في إظهاره، وأحيانًا أخرى يكون كُرسي الاعتراف الذي يُخرج المعلومات التي يُخفيها الإنسان داخل قلبه.