٣٠/٥/٢٠١٦ تاريخ جديد وتجربة جديدة.. ولَكَّن هذه المرَّة مع الموت اختناقاً نتيجة حساسية مُفرِطَة فى الصدر فاجأتنى بعد ٣٩ عاماً من مولدى.. يا له من شعور وأنت تواجه الموت اختناقاً.. تخرج نفساً ولكنك لا تستطيع إدخال آخر.. تشعر وكأن رئتيك أصبحتا مثل بالونة بلا هواء.. مشهد واقعى لا يستطيع أن يُجسِده غير ممثل عبقرى.. آل باتشينو أو دى نيرو .. أو أحد نجومنا العرب المُخضرمين.. ومما يزيد المشهد سوءاً هو أنك وحدك.. على درجات السُلَّم وأنت فى طريقك إلى العمل.. تحمل حقيبتك على كتفك التى تحوى متعلقاتك من أوراق، الهاتف، والآى باد قديم الطراز.. فإذا بك تتخلص منها وكأنها جبل يجسم على صدرك.. وفى محاولاتك البائسة لاستعادة نفس قصير يبقيك على قيد الحياة.. تطرق بعنف باب أقرب شقة تصادفك .. لا يهم من بالداخل.. رجل.. سيدة.. أو حَتَّى طِفل.. فإذا كان لا مَفَّر من الموت.. فلا يجب أن تموت وحيداً.. أعتقِد إنه إحساس أشَّد قسوة من الموت نَفْسُه.. وقد شعرت بالآسى نحو الرجل الذى فتح الباب ليجد شخصا يصارع الموت، وهو لا يدرى ماذا يفعل لمساعدته.. وهو يتخبَّط فى أنحاء الصالة كدجاجة مذبوحة للتو.. تنزف دما قطرة فقطرة حتى تصبح جثة هامدة.. استسلمت لمَصِيرى المحتوم.. وفتحت ذراعى لملاك الموت.. ولكن يبدو أنه فى الفمتو ثانية الأخيرة لم يجد اسمى فى الكشف الذى كان يطويه تحت جناحه الملائكى.. فهمس فى أذنى لم يحِن أجلك بعد يا طارق يا ابن ناجــح.. مازال هناك بقية.. قد تكون ساعة.. يوم.. أو حَتَّى سنة.. لا يعلم الوقت والساعة إلا الله.. عندئذ أخذت نفساً قصير جداً وبصعوبة شديدة.. ولَكِنَّه كان كافياً لإبقائى حياً حَتَّى كتابة هذه السطور بإذن الله.