سمعت عنه كثيرا من رجال الحى، تحدث عنه الشيوخ بكل إجلال وتقدير، ذكروا عنه مواقف عدّوها عنوانا للرجولة والشهامة، قالوا كيف كان يساعد الغير ويُهرع لنجدة الملهوف، وصفوا كيف كانت الأرض تهتز من سطوته، كيف كان البعيد قبل القريب يخشاه ويرهب جانبه، ذكروا حكايات كثيرة عنه، فصممت على المُضى قدما لرؤيته، رغم تحذيرى من مغبّة اللقاء .
ذهبت إليه شغوفا ممتلئا بصورة زاهية مبهجة رسمتها فى خيالى، وحفرها الناس فى ذاكرتى سنوات طويلة، فرأيت عجوزا هرما، تداعت عليه السنين، فلم تبق منه سوى هيكل وبقايا جسد، عجوز لا يقدر على الوقوف أو الحركة، نهشته السنين بنابها وأصابته الشيخوخة بوهن، صدمنى اللقاء، نظرت إليه صامتا، شخص إلى ! ببصره الكليل علّه يتذكرنى .. خرجت من عنده، متعجبا من تصاريف القدر.