للحديث عن أثر البطالة فى زيادة نسبة جرائم الشباب يجب أولاً ـ معرفة ماذا تعنى البطالة وأيضاً الجريمة، البطالة تعنى عدم العمل رغم القدرة عليه والبحث عنه وعدم العثور عليه، وتعنى الجريمة ـ فقهاً ـ إتيان فعلٍ محرَّم معاقب على فعله أو ترك فعلٍ مأمورٌ به ومعاقبٌ على تركه، وبالمفهوم النظامى هى كل فعل أو امتناع يقع بالمخالفة للقانون.
وتُعْتَبَر الظاهرة الإجرامية من أقدم الظواهر الاجتماعية على الإطلاق لأنها من لوازم الحياة فى كل مجتمع وهى نتيجة طبيعية لتضارُب مصالح أفراده، إلا أن هذه الظاهرة تختلف وتتخذ صوراً مختلفة فى كل عصر حيث تختلف أسبابها والدافع إليها.
وتُعَّد البطالة أحد أسباب الجريمة فى عصرنا هذا لاسيما فى وسط الشباب ذلك لأن البطالة تؤدى إلى الفقر وما يترتب على ذلك من مشكلاتٍ وأمراضٍ نفسية واجتماعية كثيرة ومُعقَّدة مثل العُنْف والتطرُّف والحقد الاجتماعى وفقدان الانتماء للوطن وكراهية المجتمع وغير ذلك من الأمراض الأخرى ويؤدى ذلك كله إلى الانحراف فى كافة صوره وأشكاله وبالتالى ارتفاع نسبة أو معدَّل الجريمة بين الشباب لا سيما المخدرات والسرقة والسطو والاعتداء على الأملاك والجرائم الأخلاقية المختلفة، فيدمن العاطل المخدرات ليهرب من التفكير فى مشكلة بطالته وعدم وجود عملٍ له وهمومه ومشاكله بصفةٍ عامة ويلجأ إلى السرقة للعوز والحاجة إلى النقود هذا فضلاً عن سهولة استقطابه من قِبَل ذوى السلوك الإجرامى المتطرفين بكافة أنواعهم لضعفه وفقدانه لذاته وهويته ليدمن بعد ذلك الجريمة بسبب موت ضميره وفقدان غريزة الشعور بالذنب.
وتكْمُن خطورة البطالة فى أنها تتعلق بأهم فئةٍ أو شريحة فى المجتمع وهم الشباب أغلى ثروة وقيمة فى حياة أى مجتمع لِما لهم من مكانة كبرى فى حياة الأمة لأنهم سبب قوتها ونهضتها ويكفى أن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مُبيناً أهميتهم: " نصرنى الشباب ".
ولذلك يجب على الحكومات أن تُولِى اهتمامها بقطاع الشباب وتأخذ قضاياه ومشكلاته بعين الاعتبار وتضعها فى مقدمة أولوياتها وذلك بالنظر فى نظام التعليم لتأهيل الشباب بصورةٍ يكونوا معها أعضاءً فاعلين مؤثرين فى المجتمع مؤهلين بما يتناسب مع سوق العمل ومتطلباته، ويجب أيضاً تفعيل دور الأسرة والمدرسة والمسجد فى تنشئتهم تنشئةً صالحة يكون مرتكزها الأساسى التمسك بالدين والأخلاق.
وفى سبيل معالجة ظاهرة البطالة يجب وضع برامج وخطط تتناسب مع حجم وخطورة هذه الظاهرة فى خلخلة المجتمع وبنائه الاجتماعى والاقتصادى والأمنى وذلك بالاستفادة من تجارب الدول التى نجحت فى مواجهة هذه الظاهرة مثل اليابان والصين والعمل على إقامة نظام اقتصادى عربى للاستفادة من كافة الموارد الموجودة به وتحقيق التكامل ومساعدة الشباب وتقديم الدعم المادى لهم لإقامة المشروعات الصغيرة ومساعدتهم فى تسويق منتجاتهم وتدريب خريجى الجامعات والمعاهد لتنمية المهارات الخاصة لديهم وتأهيلهم للعمل.