تعد التربية الركيزة الأساسية لبناء وإعداد جيل المستقبل، فغرس القيم السليمة والمبادئ الصحيحة فى سلوكيات الفرد منذ نعومة أظافره هى المشكل الرئيس لشخصيته والمحدد لسلوكه وعطائه فى المستقبل.
فمن تربى على المبادئ والقيم الإنسانية والدينية الصحيحة سيكون فرداً صالحاً يعود بالنفع والفائدة علی محيطه، وعنصراً فعالاً فى بناء المجتمعات، سواء كان يمارس عمله كموظف دولة كقاض أو شرطى أو معلم أو مهندس أو مسئول شريف نزيه حسن السلوك والأخلاق، أو كان فرداً صالحاً فى المجتمع يمارس حياته بكل سهولة ويسر، دون أن يكون مصدر قلق وإزعاج لمحيطه.
وعلی النقيض من ذلك من تربى على الفساد والانحلال واللامبالاة والتسيب سيكون فى المجتمع موظفاً مرتشياً أو فاسداً فى كل وظائف الدولة، أو نزيلاً فى السجون والمؤسسات العقابية، ليكلف الدولة أموال طائلة ووقتاً ثميناً وجهداً مضنياً.
إذا... هى التربية التى تحدد جيل الغد، والوضع الاجتماعى الذى ستكون عليه الدولة فى المستقبل.
ولا شك أن الأسرة تتحمل المسئولية الكبيرة فى التربية والتنشئة، ولكن هناك مسئول آخر لا يقل أهمية عن دور الأسرة فى التربية، ويتولاها فئة لا بد أن تحوز ثقة أفراد المجتمع، وتكون مؤهلة لتقود مسيرة البناء فى المجتمعات، وتسير بها نحو غد أفضل ومستقبل مشرق.
ولا توجد فئة عاملة فى المجتمع تستحق تلك المكانة والثقة إلا فئة المعلمين، حيث يقع علی كاهلهم مسئولية الإعداد وغرس المبادئ والقيم.
لذا... كان لزاماً علی الدولة أن تهتم بإعداد المعلم، وتوفر له البيئة الاجتماعية الصحيحة لضمان عطائه، ورفع كفاءته وطريقة إعداده، ليكون شعلة من العطاء لا تتوقف، وشمعة الأمل التى تنير دروب الحياة لأبنائنا فى المستقبل.
فالمعلم فى دول شرق آسيا وأوروبا له مكانة اجتماعية وتقدير واحترام يعادل صفة وزير، وتذلل له كافة العقبات ليتفرغ لعطائه، فهو الموظف الأول فى الدول، ولا غرابة فى ذلك لأن المستأمن الأول والأخير علی الأبناء بعد الأسرة هو المعلم !
فيجب علی كل مسئول يملك قراراً أن يعمل علی رفع مكانة المعلم اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وأن يفرض احترام وتقدير الآخرين له بمجموعة من الإجراءات التى تجعله فى مكانة اجتماعية مهمة لا تقل عن رجل الشرطة الذى يحفظ الأمن وينشر الأمان. فالمجتمعات التى تربت علی الفضيلة والقيم، لا تحتاج إلى مجهود كبير من رجال الشرطة، فبإصلاح المعلم والمناهج تصلح المجتمعات، وتسير نحو غد أفضل.