صابر حسين خليل يكتب: المخرج العاشق

تبدأ أحداث هذه القصة المثيرة حيث كنت نائماً وكانت الساعة قد جاوزت الثالثة صباحاً. واستيقظت من نومى على أصوات خافتة وضحكات، استيقظت فتحت عيناى فسكت الصوت ثم أغمضت عيناى فعاود الصوت من جديد، افتعلت النوم، واسترقت السمع فسمعت ما أذهلنى، سمعته محدثاً آخرين قائلاً: ما رأيكم فى فيلم اليوم؟ وكيف خدعت الجميع وصدقونى، قال له أحدهم أنت مبدع وفنان فى حبكة الخدعية، وقال آخر قل لنا كيف أتت إليك هذه الخدعة. قال: تعلمون أنى أحبه حباً يملأ على الدنيا كلها، وقد امتنع عن الاتصال بى لمدة ثلاثة أيام. فاشتقت إليه، وعذبنى الحنين، فقررت أن أنفذ خطتى. سمعت أنا هذا الكلام ولا أعلم مصدره حاولت التلصص والبحث فى أرجاء الحجرة فلم أجد أحداً. من أين يأتى هذا الصوت ومَن هؤلاء؟ هل هذا يعقل؟ الصوت من داخلى، من جسدى يخرج الصوت. أى عضو من أعضائى يتكلم، إنه القلب هو المتحدث لباقى أعضاء الجسد. وقد استغل نوم العقل وبدأ حديثه. أطرقت مرة أخرى لاستكمل حديث قلبى وأعضاء الجسد، قال القلب: نعم أيتها الأعضاء الخطة كانت محكمة والفيلم أخرجته كما ينبغى. ضحكت الأعضاء وقال الكبد: لقد نجحت فعلاً أيها القلب المحب، وزعت علينا سيناريو الفيلم وحفظ كل منا دوره، العين والجلد والرئة والمعدة والطحال والأطراف والمجاميع كلنا حفظنا أدورانا، فلما نطقت "أكشن" بدأ الفيلم، فيلم المريض، المشهد الأول: أول مرة: الجلد ترتفع درجة حرارته والمعدة يصيبها الغثيان والعينان يميلان للصفرة. فى دقائق معدودة أصبح الجسد مريضاً ويعانى. ثم أكمل الكبد قائلاً: المشهد الثانى: اليد تكتب على صفحة الفيس: إنى مريض. كل ذلك والعقل لا يدرى شيئاً. قال القلب: لو كان العقل قد علم بأمرنا لما استطعنا القيام بهذا الفيلم، فهو يكره الكذب. قالت الرئة: وقد استطعت أن تجعله يمثل دوره فى الفيلم دون أن يشعر بأنه يمثل. وقد كان، فاتصلت حبيبتك لتطمئن عليك، اتصلت وتركت لها العقل يشرح ما يعانيه الجسد من مرض أوهمناه نحن به. قال القلب: نعم لقد كانت أجمل ثلاث ساعات قضيتها مستمتعاً بصوت حبيبى. وقالت المعدة: ولقد كانت دقاتك أجمل موسيقى تصويرية للفيلم. وصورة حبيبك التى بداخلك أضاءت كل مشاهد فيلمك. عندها فتحت عينى وصرخت: أنت أيها القلب تخدعنى، أنت يا من تسكن بداخلى تجعلنى اشترك معك فى الخديعة دون أن أدرى. سكتت كل الأعضاء وتكلم القلب قائلا: كيف أصبر على هجر الحبيب لى فأنا وحدى أعانى بعده عنى، يحزننى فراقه، يسعدنى قربه، يشجينى صوته، تفرحنى ضحكته. فكيف أصبر على هذا البعد ؟ قلت له كيف أقنعت كل الأعضاء بالاشتراك فى فيلمك هذا. قال الأغلب شارك محبة فى المحبوب، ومن لم يوافق ساومتهم بين الاشتراك معى ومنع الغذاء عنهم، وعدم ضخ الدم إليهم. فلم يجدوا بداً من الموافقة. قلت له: كيف الحال عندما يعلم حبيبك بأنك خدعته، قال القلب: هل ستخبره بالأمر؟ قال: نعم وإلا كنت مشتركاً معك فى خديعته. قال القلب: أرجوك لا تخبره، وقالت الأعضاء: أرحم حبه ولا تخبر حبيبه بالأمر ربما يهجره. قلت: ما عودته إلا الصدق منى، فكيف أكذب عليه؟ سأخبره بأن المرض الذى أصابنى لم يكن سوى فيلماً أخرجته أنت أيها القلب واشترك معك فيه كل أعضاء الجسد هؤلاء. أنت صاحب الخديعة، فلابد أن يعلم حبيبك ونترك له أمر الصفح عنك من عدمه. قال القلب: إن كان لابد فاعلاً ذلك فلتؤجل الأمر للغد. قلت له: وما السر فى ذلك التأجيل.

قال: حتى استمتع بصوته اليوم، فمازلت أشعر بالحنين إليه. قلت: وقد شعرت بمدى حبه للمعشوقه، لك ذلك أيها المخرج المبدع العاشق، لك ذلك أيها القلب القابع بين ضلوعى، لك كل ما أردت وسأسمعك صوت معشوقك ما أمكننى ذلك.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;