كنت أنوى تأجيل هذه القصيدة لتنشر مع احتفالات ثورة ٣٠ يونيو، حيث أتناول من خلالها خطورة استخدام الدين فى نشر الأكاذيب وبث الضلال نفوس التابعين والمتابعين، مما يؤدى إلى تغييب عقولهم وإظلام نفوسهم وبعدهم عن الحق ومناصرتهم الباطل، بل ويذهب بالبعض إلى العزلة والانفصال عن السواد الأعظم من الناس، فإما أن يبث الفتن والادعاءات الكاذبة، وإما أن يحرض ضد الدولة ومؤسساتها، وإما أن ينكر أى جهد ويغمض عينيه عن أى إنجاز بواعز من انتماءات أو توجهات.
أما الأخطر من ذلك كله هو أن يؤدى التضليل والتغييب إلى تبرير العنف والإرهاب ثم المشاركة فيه.
ولكن ما استفزنى وجعلنى على وجه السرعة أبث لكم قصيدتى عن شر البلية هو تعليق من إحداهن على أحد مقالاتى، بأنها متعجبة من الادعاءات التى تقول إن بلدنا فى حرب وتتساءل عن هذه الحرب - لتحرير من هى؟! وضد من؟! فهى قطعاً لا ترى أن هناك عقولاً يجب تحريرها بعد أن غُيبَت لتلطخ أيديها بدماء شبابنا من جنود وضباط الجيش والشرطة ولا تعى كل المحاولات لاستهداف حدودنا ولا تعترف بالحرب التى نخوضها ضد الإرهاب وتدعى أنه أن كانت هناك حرب فهى حرب ضد ( النقاب واللحية ) وضد ثوابت الدين وضد الهوية المصرية لجعلها علمانية وضد طلاب الجامعة والأزهر وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والعلماء والشيوخ وغيرهم من الأفاضل فى غيابات السجون والقبور، وتضيف أنها حرب ضد غزة مع حبيبتنا إسرائيل كما أنها حرب ضد أهل السنة فى سوريا مع أحبائنا الشيعة وحبيبنا بشار الأسد، أى والله هذا ما قالته هذه المسكينة فى تعليقها، ثم أضافت بسخرية المتفزلكات قائلةً أم تقصدون ما يدعونه من أنها حرب ضد الإرهاب المحتمل الذى احتمل قبل أن يكون، ثم اتجهت بتعليقها الفذ إلى تشويه الصورة فى كل شىء فتحدثت عن أطفالٍ يختطفون فى الشوارع وعن انتشار السرقة ومنها سرقة الأعضاء البشرية، باختصار فإن كل شىء ضائع، كل شىءٍ فى نظرها أسود، ومن دلائل وطنيتها قولها إننا لابد فعلاً أن نصبر على المعاناة لتعسر أحوال بلدنا وتقسم بالله أننا نفعل ونحرم أبناءنا، ولكننا نفاجأ أسبوعياً بزيادة مرتبات ومكافآت بعض الفئات والشعب مطحون فقرا ومرضا، هذا والله ما قالته هذه المسكينة.
ولكن فاتنى أن أخبركم أن تعليقها هذا لم يكن على مقالٍ من مقالاتى السياسية، وإنما كان على مقالٍ تحدثت فيه عن توافر السلع بأعلى جودةٍ وبأقل الأسعار فى منافذ كلٍ من وزارة التموين والقوات المسلحة.
فما رأيكم أعزائى القراء؟ ألا يستدعى ذلك الشفقة عليها وعلى أمثالها ممن آلت إليه أحوالهم من ضلالٍ فلا ترى أعينهم إلا الظلام ولا تنشر أنفسهم إلا الحقد، ولا تعى عقولهم أن الإسلام مما يفعلونه ويقولونه براء وأن من استخدموا الدين كذباً وبهتانا أوقعوهم فى غيابات الجهل.
ودائماً للشعر دورٌ:-
شرُ البَلِيّةِ ضلالٌ يَلْبَسُ هُدَى شر البليةِ أن تُصَدِّق الكاذبينَ
وما ضرَّ مَنْ آمَنَ واهتَدَى إلا من غرَّ وهو مِن الضالينَ
فلا يغُرَّنك فى الحقِ مابَدَى على هيئةِ مَن استخدم الدينَ
يَخطُبُ فى الناسِ مُهَدِدا فَيُفَسِّق البررةَ ويُكَفِّر الموحدينَ
تَحْسَبُه يُحْسِنُ مَقْصِدا وهو لا ريبَ مِن الأخسرينَ
يُرَاكِمُ خسائرَه ومَن اقتدَى وكم أضلَّ مُقتدَى مُقْتَدينَ
جاوزَ فى غَيه المَدَى فَحَضَّ على البغِى مجرمينَ
استباحوا الدماءَ واعتدَى كلُ تابعٍ فرَوَّع الآمنينَ
باليد واللسانِ فأضحى مفسدا وأمسى مع القاتلينَ
فَلَبئسَ مَنْ اتخذ مُرشِدا يُرديه فى زمرةِ الخاسرينَ
ينظرُ فلا يُبصِر الردَى جاءهُ على نهجِ المُدَّعينَ
إنَّما للإسلامِ صَدَى ذاعَ بالوسطيةِ فى العالمينَ
وفى اتِّباعِ مَن بدَدَّ ظُلمَةَ الجهلِ سيدُ المرسلينَ
فى خُلُقٍ سنَّه مُتعَبِدا وَمُعَامِلاً للخَلْقِ أجمعينَ
لا فى بنطالٍ ارتدَى ولا فى لِحَى المُطلِقينَ
فاتَّبِع فى الدينِ سنةً أكدَّ وكُنْ فى اللهِ مِن الموقنينَ
أنَّه يَبغُضُ مُتَشدِدا وفظاً كمْ مِن المؤمنينَ
انفضُّوا مِن حولِه فَغَدا عَلَماً فى السُّوءِ مُستَبينا
ينشرُ الفتنةَ جاحِدا غيرَ آبهٍ بالمتقاتلينَ
فلا وطنٌ أَحَبَه فافتَدَى ولا خشى فُرقَةَ المواطنينَ
روحُهُ للسُلطَةِ فِدَى لا يُبالِى مَوتَ التابعينَ
مازهِد الدنيا ورددَّ أكاذيبَ تؤثِرُ الغافلينَ
تاجر بالدمِ واتَّخذه مَورِدا يَجذبُ الظمأى المتآمرينَ
واستخدم المالَ وتوعدَّ أبناءَ وطنهِ الرافضين
فاستعدَى عليهمُ العِدَى وتضامنَ والمعتدينَ
على أهلٍ ووطنٍ تكبدَّ مالا يُنكره من الجاحدينَ
إلا مَنْ كان مُعانِدا خانَ ماءً وأرضاً ودينا.