عصام كرم الطوخى يكتب: عندما يختار البشر التعاسة

التعاسة شىء مزعج، والعيش مع التعساء قد يؤثر عليك كون التعيس يشعر باضطهاد الحياة له رغم أن السعادة لا ترتبط بظروف الحياة كما نظن ونعتقد بل هى رهن ما تفكر فيه وما هو فى متناول يديك بل بالقرب منك فلا تبحث عنها بعيدا، حاول اكتشافها بداخلك، فكثير من الناس يملكون المال الوفير ومع ذلك لا يحقق لهم إلا قدر ضئيل من السعادة الوقتية لذلك السعادة مرتبطة بأسلوب حياتك ووجهة تفكيرك وعاداتك واعتقاداتك وأفعالك. يقول أحمد الربعي: "ليس هناك عالم تعيس، هناك بشر اختاروا التعاسة!" التعساء فى أغلب الأحيان يميلون إلى العزلة وتجنب الآخرين مما قد يؤدى بهم إلى الانطوائية والاكتئاب مع إنهم يتظاهرون أمام الناس بأنهم سعداء، فهم ينظرون إلى أنفسهم كضحية كون الحياة ترفضهم ولا تتناغم مع ما يفكرون فيه فهى قاسية عليهم وتشعرهم بالنقص والعجز وتحطيم أحلامهم، يقودهم هذا إلى النظرة التشاؤمية فلا يتوقعون إلا الأشياء السيئة وهيمنة الروح السلبية عليهم مما تجعلهم فى حالة تذمر دائم والتحدث فقط عما يزعجهم مما يؤدى إلى اجترار أحزانهم، بل ينظرون إلى حياتهم على أنها محكوم عليها بالإخفاقات الدائمة ومع ذلك لا يفعلون شيء يغير ما هم فيه ويخرجهم من متاهة التعاسة فليس لديهم إلا الانتظار المدمر، لا يفعلون شيء تجاه حياتهم بل يتجاهلون مشاكلهم مما قد تؤدى بهم إلى كارثة فيما بعد، كونها تتفاقم وهم لا يشعرون بها، بل دائما تجدهم فى حالة مقارنة أنفسهم بالآخرين بأنهم أقل حظا رغم إنهم يملكون العديد من النعم ولكنهم يسيئون استخدامها لسوء تفكيرهم...

يقول هيوغو: "لفترة طويلة وأنت تحاول أن تنسى الماضى ولم يجلب لك هذا الأمر سوى التعاسة، ربما حان الوقت لكى تتذكر!" حاول ألا تسترجع المواقف والأحداث السيئة أو الحزينة بمجرد شعورك بالحزن لأمر ما، لأنها فرصة لفيروس التعاسة أن يتكاثر ويحاصرك كالعادة فى متاهة وأد نفسك بل تذكر أن فى قلب كل إنسان منا قصة موجعة ومؤلمة، فقط اقنع بحياتك وما وهبك الله من عطاياه، فرفقاً بنفسك فالحياة مواقف وردة الفعل هى ما تكشف لنا حقيقة مشاعرنا لذلك عبر عن ما بداخلك بوعى فأنت فى النهاية إنسان معرض للعديد من الاختبارات والابتلاءات.

تقول أحلام مستغانمى: "الصعوبة ليست فى السعادة، ولكن فى تفادى التعاسة التى يسببها السعى إليها". لا شك إنك صانع أفكارك وهى ما تحدد واقعك ومستقبلك واللحظة التى أنت عليها، فأفكارك إما أن تأخذك إلى السعادة أو إلى التعاسة لأن هناك أمورا نفسية أنت من يحسمها، فقد تذيق مرارة الفشل قبل حدوثه لإيقاعك التشاؤمى وقد تبشر على عمل لم يكتمل، بنجاح باهر، لذلك عش حياتك بحب وايجابية ويقين بأن الأشياء الجميلة لم تأت بعد فأسعى إليها وأجلب لها ما يعزز سعادتها واستقرارها. يقول دون هيرولد: "التعاسة ألا نعرف ما نريد ونقتل أنفسنا لتحقيقه".