هل تتحمل الأسرة كامل العبء فى التوعية البيئية للأطفال بمعزل عن دور المدرسة؟
لم يعد دور المدرسة يقتصر كمؤسسة تعليمية فقط لكن أصبح لها دور كبير كمؤسسة تربوية فى خلق السلوكيات الإيجابية وتربية الجيل النشء وتعليمه أهمية البيئة والمحافظة عليها فى حياتنا. ان عمل المدرسة جنبا لجنب مع البيت يعطى ثماره لبناء الجيل المنشود الذى يمتلك العادات والقيم الانسانية فى التعامل مع البيئة وأيضا صنع القرارات الإيجابية فى التصدى لقضايا بيئية حساسة نتيجة حسهم ووعيهم البيئى الذى غرسته فيهم المدرسة منذ النشء.
لتحقيق هدفنا المشترك فى استعادة ورعاية وحماية العالم الطبيعى فأنه من المهم التوجه للأطفال وتعليمهم بدءا من الاسرة وتثقيفهم من أجل التفاعل مع المدرسة بتقديم سلوك رشيد مع البيئة متمثلا المشاركة فى الفعاليات التى تنظمها المدرسة، ودمج الطفل فى نشاطات بيئية صفية أو مهرجانات ومسابقات داخل المدرسة أو مخيمات خارجها من الممكن ان ينمى فى الطفل روح التحدى وسرعة التلقى فأنه يتأثر بشكل كبير بالأنشطة والممارسات مع اقرانه التلاميذ.
لازال دور المدارس فى البلاد العربية تجاه التوعية البيئية فقيرا جدا ولا يبرز اى دور لإدارات المدارس باعتماد مناهج تربوية تجاه البيئة كإقامة نشاطات حتى لو كانت صفية، أو توجيه المعلمين لتنبيه التلاميذ بالسلوكيات السيئة المتمثلة بإهدار المياه أو استخدام الكهرباء بغير محلها وتقطيع الاشجار والورود داخل المدرسة وخارجها كون ذلك قد يسهم بالإعداد الجيد للتلاميذ لزيادة وعيهم البيئى وتنشئتهم كأدوات بشرية فاعلة فى المستقبل.
الأطفال يمكنهم ان يتعلموا اشياء يحبونها وبشكل سريع وإتقان عالٍ لذلك فإن إعداد جولات خضراء أو رحلات ميدانية لأجواء بعيدا عن المدرسة وإجراءاتها الصارمة كزيارات ميدانية لحدائق الحيوان أو الغابات أو الشواطئ أو الحقول الزراعية أو الحدائق أو الانهار يعطى ثماره فى تنمية المواهب للتلاميذ وإعداد قدراتهم بتفاعلهم الايجابى مع قضايا البيئة. الأطفال تتعلم اكثر فى جو عملى بخاصة ان كانت تلك الرحلات يصحبها أحد المعلمين المهتمين بشؤون البيئة ومشكلاتها ليكون اكثر قربا من الأطفال ومحاولة توجيههم بضرورة المحافظة على الطبيعة ومواردها والتحذير من السلوكيات الخاطئة التى ادت لتلوث الأنهار والشواطئ والتربة الزراعية.
حينما تجعل الطفل جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة عندها قد تحقق وعى بيئى كبير لديه متمثل فى فهم لماذا عليه الحفاظ على البيئة؟ وما هى مسئوليته تجاه تقليل التلوث؟ ويمكن ان يتحقق ذلك لو ساهمت المدرسة بإقامة نشاط غير صفى كأن يشمل حملة لتنظيف الشوارع المحيطة بالمدرسة من النفايات والقمامة وتحقيق ذلك ممكن ان يساعد التلميذ فى جعله جزءا من الحل لحماية بيئته وبالطبع سوف يشجع فيه روح المساهمة الفردية مع اسرته والجماعية مع رفاقه التلاميذ.
للمدرسة دور آخر يتعلق بتشجيع التلاميذ لقراءة القصص ذات التوجه البيئى ولا ننسى استغلال مادة الانشاء والتعبير من اجل اعطاء واجبات للتلاميذ تحبذ فيهم كتابة القصص حول الارض ومدى اهتمام الإنسان بالبيئة أو تقليل نسبة الملوثات من خلال الرفق بالبيئة وعدم الاساءة لها. بالطبع اذا تركنا الباب مفتوحا أمام التلميذ للتعبير عن قصصه سيجعله يسأل ويتساءل من والديه وإخوته ورفاقه الأكبر سناً عن ماهية البيئة؟ ولماذا ينبغى الحفاظ على البيئة؟ وكيف بإمكاننا المساهمة بسلامة الأرض؟
خلق سلوك بيئى سليم للطفل له أثر مستقبلى يشمل محيط واسع لجيل قد يكون أفراده أصحاب قرار يوما ما وبذلك استطعنا إيجاد مجتمع فعال فإذا صلح الرأس ليس على الجسد بأس كما يقال، وبهذا اصبح لدينا قادة لهم القدرة على إيجاد الحلول لأى مشكلة قد تعصف ببلادنا العربية لا سامح الله والمهددة بشكل فعلى فى المستقبل بالمزيد من التغيرات المناخية.
غرس القيم الخضراء فى سن مبكرة للأطفال ما بين التعليم والمعرفة وتشجيع المشاركة هى مفتاح التغيير على المدى الطويل لتنمية قدراتهم فى نبذ العادات والسلوكيات البيئية السيئة، لإيجاد من هم بمستوى القدوات فى اعتماد نهج بيئى ذو رؤية خضراء، وهنا يبرز دور المدرسة بغرس طرق وأساليب تمكن الاطفال ان مشاركتهم لها اهمية فى حياتنا وبإمكان خطواتهم ان تحدث الفرق فى المستقبل.
إن كلمة "خضراء" لم تعد فى أيامنا هذه مجرد لون، بل أصبحت تمثيلا رمزيا للأرض ولطبيعتنا ونظمنا الايكولوجية، وان تكون حياتنا اكثر اخضرارا يعنى اعتماد الطرق التى من شأنها أن تؤثر على حياتنا.
إن مفتاح التغيير هو الوعى البيئى حول القضايا والمشاكل ومن ثم التعليم لذا فإن من الضرورى تحقيق التوازن ما بين الأسرة والمدرسة فى توجيه الاطفال لغرس القيم البيئية السليمة وبالتالى عندما يكبرون سيكونون أكثر مقدرة لفهم العيش فى حياة خضراء.