"رد الاعتبار" هو مُصطلح حياتى وقانونى، فمن الناحية القانونية هو حق كفله المُشرع لكل من صدر ضده حكم فى جريمة جنائية أو جُنحة، سلبت المحكوم عليه حقًا من حُقوقه، كالحقوق السياسية الخاصة بالترشح والانتخاب، وبالطبع لها شروط حددها القانون لتُمكن المُتهم من الحصول على رد الاعتبار.
أما من الناحية الحياتية، وهى الأعم والأشمل هى الشروط التى يضعها الشخص الذى تم الخطأ فى حقه لكى يقبل العفو والصفح والتسامح مع مَنْ أخطأ فى حقه.
والحقيقة أن ما لا يُدركه الكثيرون أن رد الاعتبار يُقوى مركز الخصم، وليس كما يظن الكثيرون أنه ينال منه، والسبب أن التسامح والصفح لو تم من المجنى عليه أو الضحية دون رد اعتبار، فيكون بمثابة هبة أو منحة منحها لخصمه، أى يتحول هو للشخص الأقوى، أما رد الاعتبار فهو يجعل الخصم فى حالة تعادل مع مَنْ أخطأ فى حقه، لأن التسامح هنا يكون نظير مُقابل تم دفعه مُقدمًا.
والواقع أن ما دفعنى إلى البحث فى هذه النقطة أن كثيرًا من الأشخاص يرفضون أن يُقدموا الأشياء التى ترد اعتبار خصومهم، ويتهافتون على طلب الصفح والتسامح، فى حين أن مركزهم يكون أشد قوة فى الحالة الأولى، وإن كان الأحرى بالإنسان ألا يضع نفسه فى المكانة التى تجعله يضطر لتقديم أشياء لكى يتم قبول اعتذاره، ولكن الحياة مثل الدائرة، ستظل تدور، ولابد أن يقع الإنسان فى أخطاء رغمًا عنه، ربما كان لا يتمناها على الإطلاق، إلا أنه يضطر إلى دفع ثمن أخطائه، حتى تستقيم حياته مع ذويه وأقرانه.
وبالمناسبة إذا كان فى رد الاعتبار عِزة للمجنى عليه، فهو بلا ريب عِزة وشرف كذلك للجاني، لأنه دليل على مدى قُدرته على الاعتراف بأخطائه، وعدم التنصل منها، وقُدرته على مُحاولة إصلاحها.