كان يتحدث مع نفسه كثيرا، ولا يجد حرجا أن يسمعه الناس، إذ يعتقد بحريته الشديدة ويستغرب كيف يمكن أن يتحدث مع آخرين ويسمعون له ومنه ولا يتحدث مع نفسه التى بين جنبيه.!
نبّهه البعض لغرابة ما يفعل، لكنه أكدّ أن ما يفعلون مع بعضهم البعض أشد غرابة، كل ما يطلب ألاّ ينغصّ عليه أحد عيشته، وأن يتركونه فى سلام مع نفسه، إذ وجد فى الحوار معها متعة كبيرة، تعلو على متعة الجدل والحوار مع باقى البشر.
لذا تركناه وحديثه المستمر مع النفس، وآلفنا حديثه هذا وبمرور الوقت عُدّ من المسلمات والمألوف فى الحى والشارع، وعلى إثره وخطاه سار كثيرون فيما بعد فانقلب وأصبح الحى يعج بالمتحدثين مع أنفسهم بوضع يقارب مستشفيات الأمراض النفسية.
وقد راج الأمر وانتشر فى كثير من الأحياء المجاورة، سرت مقولة بين الجميع أن الحديث مع النفس يتجاوز فى متعته كثير من متع الحياة الدنيا وأنه لا يسبب ضررا على صاحبه. وأصبح كلما عنّ لأحدهم أمر أو غمض عليه موضوع أن يختلى بنفسه يحاورها ويجادلها وربما يصل الأمر للشجار أو للخصام.