لم يتفق أعضاء الشلّة يوما ما حول هذا الشخص، لعل اختلافهم قد زاده غموضا، وأوجد حيرة كبيرة بيننا اتسعت بقدر اتساع شقة الخلاف.
فمنّا من دافع عنه دفاع المستميت عن عرضه أو ماله، ومنّا من هاجمه وكأن بينهما ثأر قديم أو نزاع على إرث مشترك، وكلُّ كانت له وجهة نظره ووجاهة فى المنطق.
مبعث الحيرة أن ما سرده فريق من نقاط قوة اعتبره الآخر، مآخذ ينبغى اعتبارها مسببات للكراهية والنفور.
وهكذا دارت طاحونة الخلاف دون أن تستقر على وضع محدد، فكل طرف على خلاف مع الطرف الآخر ومناصر لرأيه مناصرته للعقيدة والدين.
اشتد الجدل بين الطرفين واحتدم النزاع، حتى نسينا أصل الخصومة وتجاهلنا دون أن ندرى صاحب المشكلة، فكان يقعد بيننا مستمعا ومستمتعا بما يجرى من صراع.
على أننى ينبغى أن أذكر هنا أن ذلك الشخص، تميّز بسمة غامضة بعض الشيء، لم يلتفت لها أحد كما لم يعيرها الآخرون أهمية، ذلك أنه قادر على تأجيج الخلاف بين الجميع حوله، وما أن يستعر أوار الخلاف ويتأجج حتى تصل نيران الكراهية لعنان السماء، يظل هو مبتسما هادئا ساخرا مستمتعا بعيشه.