قدرات البشر الذهنية ليست متساوية فهناك قدرات عادية وهناك قدرات فائقة، تستحق اهتمام من نوع خاص، ومع بداية كل عام دراسى جديد نحلم بتعليم ينمى القدرات الذهنية لهؤلاء الصنف من الطلاب، ينمى القدرة على التفكير الابداعى والابتكارى، يهدف إلى الاعتماد على النفس فى حل المشكلات، ويصبح هؤلاء هم قاطرة التقدم لهذا الوطن ويحقق التفوق فى مجال العلوم والرياضيات والتكنولوجيا والهندسة، تلك المجالات التى بها ترتقى الأمم. الحلم ليس صعب المنال فقد أقامت وزارة التربية والتعليم العديد من مدارس المتفوقين "STEM"، فى مختلف المحافظات، وهى الإسكندرية والإسماعيلية والدقهلية والبحر الأحمر وأسيوط وكفر الشيخ ومدينة الأقصر لتكون امتدادا لمدارس المتفوقين الموجودة بمدينتى 6 اكتوبر والمعادى.
وكلمة STEM هى الحروف الأولى للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضايت وهو نظام تعليمى يطبق فى أكثر من 30 دولة على مستوى العالم ويتكون من مجموعة حزم وبرامج تدريبية تشمل برامج الذكاءات المتعددة، وبرامج الـ cort التى تعلم التفكير كمادة مستقلة، وبرامج تنمية الخيال الابتكاري، ومهارات البحث العلمي، والمعامل الافتراضية.
المناهج الدراسية فى هذه المدارس تغطى نفس الموضوعات التى تدرس فى مدارس الثانوية العامة، ولكن طريقة التدريس تختلف اختلاقا كبيرا عن الطرق المتبعة فى المدارس العادية، فهى تلغى نظام الفصول وتحوله إلى نظام معمل المادة، فينتقل الطلاب إلى المعامل لتلقى الدروس فى جميع المقررات دون الالتزام بفصل واحد، مع الاعتماد على نظام التعلم بالمشاريع Project Learning، والتى يحدد من خلالها المعلم مشكلة واحدة من المشكلات التى يمر بها المجتمع ليتم تدريس كافة المواد بما يخدم هذه المشكلة وفى نهاية العام الدراسى يقدم كل فريق من الطلاب مشروعا لحل تلك المشكلة المجتمعية. ويتم تدريس كافة المقررات باللغة الإنجليزية.
ورغم أن التجربة واعدة ومازالت فى بدايتها الا أن التطبيق على أرض الواقع مازال دون الطموح، فالأحلام كبيرة وتطلعاتنا لنجاح هذا المشروع تجعلنا فى أشد الحاجة إلى العمل بجد وجهد واخلاص واصرار وتتطلب من القائمين على هذا المشروع بذل الجهد المضاعف لمواجهة التحديات كتدريب المعلمين على أحدث الوسائل التعليمية الحديثة، وتقييم مخرجات هذه المدارس فى الفترة القادمة ليتواءم مع متطلبات الابتكار والإبداع وتوفير المخصصات المالية اللازمة لتجهيز المعامل والأجهزة والأثاث وأدوات المعيشة.
نحن لا نطلب أن يكون عدد الذين تفرزهم هذه المدارس عدة آلاف، بل يكفينا عدة مئات منهم كل عام، هؤلاء هم من سيصنعون الفارق فى هذا المجتمع.
هذه المدارس وهذا المشروع الطموح الغير عادى يحتاج لاهتمام غير عادى، يحتاج لكوادر من نوع خاص، فى التدريس والإدارة، هذا المشروع يحتاج لأفكار من خارج الصندوق يحتاج المبدعين المخلصين، وما أكثر المبدعين المخلصين فى بلادنا لكنهم يحتاجون للفرصة الملائمة، فهل نوفر لهؤلاء المبدعين المناخ المناسب ليتلاقى الحلم بالتطبيق؟ أم سنظل نجيد فن الكلام ولا نجيد العمل؟ هل سنظل ننفذ من الأفكار العنوان الرئيسى فقط دون الاهتمام بالتفاصيل ؟، فالتفاصيل هى التى تصنع الفارق. مجرد أسئلة تحتاج إلى إجابات.