بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى باستفتاء الخميس 23 - 6-2015، فعليا تبدأ عملية تفكك الاتحاد، ككيان سياسى واقتصادى قوى للغاية كان يسير خلف السياسة الأمريكية مؤتمرا ومنفّذا لتوجهاتها، كما كان له دورا لا يُستهان به فى تغيير التركيبة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط وفق استراتيجية شاملة للتغيير والتفتيت.. وفق سياسة تقوم على توظيف الدين بالمنطقة لتفتيتها.
ونعى جيدا أن "بريطانيا" كانت تقع من الاتحاد الأوروبى موقع القلب المؤثر فى اتجاهات الحركة وتوجهات السياسة الأوروبية.
ويبدو أن تلك الاتجاهات والتوجهات قد أحدثت آثارا سلبية على بنية الاتحاد الأوروبى نفسه وبخاصة التركيبة الاجتماعية والهوية الثقافية والدينية، فدعم الاتحاد للربيع العربى وفق التصور الغربى للتغيير، قام على تفريغ وتفتيت المنطقة بكاملها وبخاصة بعض دول المواجهة التقليدية مثل العراق وسوريا وبمعاونة بعض الأنظمة المصطنعة بالمنطقة استطاع تمرير الفكرة ووضعها موضع التنفيذ، فوجدنا هجرات جماعية للسوريين وغيرهم من أبناء المنطقة، لكن لم يتوقع الاتحاد الأوروبى وقادته أن تنزح تلك الوفود التى تصل لمئات الألوف إلى بلدان الاتحاد الأوروبى لتتفاقم مشكلات هذه الدول فوق ما تعانيه من مشكلات اثنية واقتصادية وغيرها.
ولأن الضغط يولّد الانفجار، كقانون فيزيائى لا حيدة عنه حال توافر العوامل والظروف المواتية فكان رد الفعل، تصاعد التيارات اليمينية ونزعات الانفصال عن الاتحاد الأوروبى.
ووفقا لنظرية "أثر الفراشة" فلم تكن الحسابات لردة الفعل دقيقة، كما أن توظيف الدين فى الشرق الأوسط لتفتيته، كان هو أيضا أداة إرهاب وتفتيت لبنية الاتحاد الأوروبى، الصدع كبير جدا، الصدفة غير المحسوبة وحدها، تخدم بعض الأنظمة السياسية فى منطقة الشرق الأوسط، فتطيل عمر البعض سنوات وتخفّف كثير من الضغوط والقيود على أخرى.
حتى الآن لا يمكن الجزم بخطورة تداعيات خروج "بريطانيا" من الاتحاد الأوروبى، لكن المؤكد أن الخروج سيصبح استراتيجية فى المرحلة القادمة ترتبط بفساد كثير من المخططات بشأن الشرق الأوسط الكبير المدّجن.