قصدت أن أبدأ عنوان مقالى بجملة (تحريك الأسعار) وليس (ارتفاع الأسعار) والكلام هنا لتجار السلع ومحتكريها حيث يوجد فرق شاسع بين تحريك الأسعار وزيادتها فقيمة تحريك سعر الصرف للدولار أمام الجنيه لا يتناسب تماماً مع الارتفاع الموحش للأسعار الذى نعيشه الآن حتى وصل الأمر إلى أن بعض السلع زادت قيمتها إلى الضعف تقريباً مما أدى إلى تناقص القيمة الشرائية للمواطن والغريب فى الأمر أن تجار السلع وبائعيها أخذوا فى تطبيق الزيادة الغير واقعية ووضعوا لأنفسهم هامش ربحى غير منطقى أثناء دراسة الحكومة القرار وقبل دخوله حيز التنفيذ الفعلى وأخذوا يسوقوا للقرار وينشروه قبل صدوره معلقين شهوة طمعهم على شماعة الحكومة ملقين بالدولة والحكومة فى مرمى المواطن البسيط.
منذ أيام طلت علينا الحكومة المصرية بقرار تحريك سعر الصرف للدولار أمام الجنيه المصرى وهو القرار الاضطراى الذى لجأت إليه فى هذا الوقت العصيب نتيجة الاضطراب العالمى الذى يمر به العالم الآن بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من تداعيات سلبية ألقت بظلالها على كل دول العالم ومن بينها مصر فالواقع والأضرار الجسيمة لهذه الحرب فرض وألزم هذا الخيار الغير محبذ لدى جموع المصريين لاسيما الدولة والحكومة المصرية فهاتين الدولتين تعتبران سلة الغذاء العالمى كما أن الدولة الروسية هى المركز الحيوى لتصدير الغاز الطبيعى والمنتجات البترولية لمعظم دول العالم فهذا حدث جدير بأن يجعل كل دول العالم فى حالة من القلق والفزع من ما تسفر عنه هذه الحرب المفاجأة التى جاءت فى الوقت التى لاتزال دول العالم تتعافى باقتصادها من أزمة كورونا الطاحنة.
بالطبع لم تكن فاتورة تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية العالمية هى كل ما أقرته الحكومة المصرية فى زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه ولكن نصيب الأسد من هذه الفاتورة تحملتها وتكفلت بها الدولة المصرية ولم يلمسها المواطن إلا فى صورة تحريك الأسعار بالصورة التى تتناسب مع تحريك سعر صرف الدولار أمام الجنيه وليس الصورة التى أوهمتنا بها التجار وأصحاب السلع طمعاً فى مضاعفة هامش الربح فبدلاً من أن يتحمل هؤلاء التجار مسئوليتهم الوطنية وإيقاظ ضمائرهم المغيبة أمام جشعهم أخذوا من ذلك سبوبة لكسب المزيد من الأموال وبرروا ذلك للمواطن البسيط بإلقاء اللوم على الحكومة مستغلين المشهد والتصريحات الحكومية وحديثها عن تحريك الأسعار فى المبالغة فى تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.
وعلى الفور قامت الدولة وحكومتها وحملت على عاتقها لواء المسئولية كما عودتنا وأقرت حزمة عاجلة من برامج الحماية الاجتماعية التى تخفف من تداعيات هذا الموقف المفاجئ من على كاهل المواطن ومن بين ذلك منح علاوة دورية قيمتها 8% من الأجر الأساسى الوظيفى للعاملين المخاطبين بقانون الخدمة المدنية و15% للعاملين الغير المخاطبين بهذا القانون إضافة إلى منح قيم نقدية مقطوعة تصرف لجميع العاملين على حسب الدرجة الوظيفية وأيضاً منح أصحاب المعاشات علاوة 13% من المعاش الكلى وكذلك زيادة حد الإعفاء الضريبى مقارنة بالسابق أضف إلى ذلك زيادة الغطاء التكافلى الاجتماعي لمعاش تكافل وكرامة ليستوعب عدداً أكبر من أصحاب العمل الغير منتظم وأيضاً زيادة الحد الأدنى للأجور من 2400 إلى 2700 جنيه وتم العمل بكل هذه القرارت ابتداء من أبريل الجارى وعلى الجانب الأخر حرصت الحكومة على إنتشار الكثير من المجمعات والأسواق الاستهلاكية التابعة لها بأسعار مخفضة غطت معظم الأماكن فى مصر تقريباً لتوفير أسواق بديلة بأسعار مناسبة للمواطن وإحداث التوازن المنطقى بين تحريك سعر الدولار والزيادة المناسبة لأسعار السلع والمنتجات.
مشروع التبادل التجارى والاقتصادي القائم بين كل دول العالم جعل العالم كله يقع فى بوتقة واحدة يتأثر الكل بالأحداث على السواء فى آنٍ واحد والذى زاد من الأمر صعوبة أن الدولة حالها حال كل دول العالم مازالت تتعافى من المعركة الشرسة التى خاضتها ضد الفيروس الوبائى (كورونا) والنجاح الباهر التى حققته الدولة المصرية فى هذا الملف وكم حافظت وصمدت أمام كل التداعيات السلبية الناتجة عن هذا الوباء ونجحت فى تحقيق الهدف المرجو وهو ألا يضار أى مواطن اقتصاديا أو معيشياً من الظروف الاضطرارية التى فرضت نفسها على الساحة كلف ذلك الدولة فاتورة اقتصادية إضافية باهظة الثمن ولم يمهلنا الوقت طويلاً إلا وتطل علينا سريعاً هذه الحرب الروسية الأوكرانية لتفرض آثارها الاقتصادية على الساحة العالمية و التى على أثرها سوف تتغير الخريطة الاقتصادية للعالم أجمع بشهادة الخبراء والاقتصاديين فى هذا المجال مما يلزم علينا فى هذه المرحلة التحلى بالصبر والإرادة والثقة فى أن هذه النتائج هى الأفضل والأقل ضرراً بالنظر إلى كل الأحداث المحيطة اللاإرادية ويرجع الفضل فى ذلك للحكمة والمجهود الجم المبذول من القيادة السياسية والدولة المصرية بكل أجهزتها ومؤسساتها.
حفظ الله مصر وجنبنا وإياكم مكاره السوء.