د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: بعد فوات الأوان

أصعب خطأ يرتكبه الإنسان، هو الخطأ غير المقصود الذي حدث بسبب الإهمال، أو الرعونة، أو اللامبالاة، ورغم أنه غير مقصود إلا أنه يخلق في القلب غُصّة شديدة، لأنه لولا تجاهل الإنسان لواجباته ما كان حدث ذلك الخطأ الذي تسبب له في الندم طيلة حياته، ولكن هيهات هيهات، فهناك ندم بعد فوات الأوان لا يصلح معه أي ألم أو دُموع، والسبب هو خطأ يسير بسبب عدم الاكتراث الشديد. وما أصعب أن يقول الإنسان لنفسه فات الأوان، فلو تفكّرنا برويّة سنتيقن أن هناك بعض الأمور البسيطة التي لا تحتاج منا أي وقت أو جهد إلا يسير، ولكنها تكون سبب في راحتنا واستقرارنا طيلة العُمر، مثل الكلمة الحُلوة بين المُتحابين، والسؤال اليومي عن الأحوال بين الأصدقاء، والاطمئنان على المريض وشدّ أزره، ومُساعدة المُحتاج ولو باليسير، وأيضًا هناك أشياء لو فعلناها لتبدل حالنا إلى الأفضل، مثل الاهتمام بالتفاصيل البسيطة في شخصية مَنْ أمامنا حتى لا نتألم بسببه في المُستقبل، فهناك أمور تظهر في الشخصية، تكشف لنا شخصية الآخرين، وتجاهلنا لها هو الذي يُسبب لنا الصدمات في المُستقبل. وهكذا، فالندم دائمًا يكون سببه إما فعل تافه، أو عدم الإتيان بفعل بسيط مثل ما حدث لبطل القصة التي سأسردها عليكم الآن. فهناك شاب كان يتأخر كثيرًا في فترة المُراهقة خارج المنزل، وكان ذلك يُغضب أمه كثيرًا، وكان دائمًا يعود بعد أن تذهب إلى فراشها، فما كان منها إلا أن بدأت تترك له رسالة على باب الثلاجة، عبارة عن إرشادات لمكان الطعام. وبمُرور الأيام تطورت الرسالة فأصبحت طلبات لوضع الملابس المُتسخة في الغسيل، وتذكير بالمواعيد الهامة. وهكذا مرت فترة طويلة على هذا الحال، وذات ليلة، عاد الشاب إلى البيت، فوجد الرسالة المُعتادة على الثلاجة، فتكاسل عن قراءتها، وخلد إلى النوم، وفي الصباح فُوجئ بوالده يُوقظه ويُخبره أن والدته قد توفيت، فتألم بشدة ودفنها، وفي المساء وبعد العزاء، عاد إلى البيت وتمدّد على السرير، وفجأة قام مُنتفضًا، فلقد تذكر رسالة أمه على الثلاجة، فأسرع نحو المطبخ، وخطف الورقة، وقرأها وأصابه حُزن شديد هذه المرة، لأن الرسالة لم تكن تحتوي على أي تعليمات أو نصائح، فقط كان مُدون فيها: "أحسّ بالإعياء الشديد، عندما تحضر أيقظني واذهب بي للمستشفى". وهكذا شعر بالندم الشديد لعدم اكتراثه بقراءة الرسالة في الموعد الصحيح، فهل يُفيد الندم على عدم الإتيان بأشياء بسيطة، لو حدثت في موعدها ما ندمنا العُمر كله؟! ولكن هيهات فلن يُعيد الندم ما ضاع بعد فوات الأوان.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;