عندما نسمع اسم عباس بن فرناس نجد أنفسنا نذهب دائما إلى أول تجربة للطيران فى العالم التى قام بها هذا الشخص الفريد فى البلاط الأموى بالأندلس فى القرن التاسع الميلادى والذى يعد ظاهرة ثقافية فذة كانت نتيجة تلك النهضة الحضارية الشاملة التى غمرت أرض الأندلس فهل كان لابن فرناس جوانب علمية أخرى غير محاولة الطيران تلك ؟
هو عباس بن فرناس بن برداس ويلقب بأبو القاسم ترجع أصوله إلى قبائل البربر فى المغرب والتى استوطنت الأندلس. نبغ بن فرناس فى عدة معارف عليمة وأدبية جعلته عن جدارة يستحق لقب "حكيم الأندلس" والذى أطلقه عليه المؤرخ ابن خلدون بدأ عباس نبوغه منذ عهد الأمير الحكم الأول ثم أصبح من رجال عبدالرحمن الثانى مرورا بالأمير محمد الأول وصار أحد النجوم اللامعة فى سماء الأندلس حتى توفى فى عام 274هـ/887 م.
كان بن فرناس جامعة علوم متنقلة بابا من أبواب المعرفة نبغ فى الأدب وعرف الفنون الجميلة عشق الموسيقى وكان يعزف على العود أيضا كان فيلسوفاً متعمقاً وشاعرًا وأستاذا فى علم الفلك والتنجيم كما نجد المستشرق الفرنسى ليفى بروفنسال يضيف لذلك امتلاكه لبنية جسمية قوية مكنته من ممارسة العاب الحواة السريعة الدقيقة.
وعن نتاجه العلمى فنجد الكيميائى المسلم جابر بن حيان يؤكد على أهمية الاكتشافات التى قام بها عباس فى مجال الكيمياء والفلك ومنها توصله إلى صناعة الزجاج المستخرج من المواد المعدنية وأيضا صناعته بساعة عرفت باسم "الميقاتة" أهداها للأمير محمد الأول كذلك صنع بإحدى حجراته قبة سماوية بها نجوم وسحب يتصل بها جهازلصنع البرق والرعد والمطر وكافة الظواهر الطبيعية.
كل هذه الانجازات وأكثر كانت سببا فى جلب الكثير من الحقد عليه فنجد الشاعر مؤمن بن سعد يعرض به فى أشعاره ويسخر من اختراعاته كمانجد الاتهامات الدينية الخطرة تنال منه من بعض الفقهاء المتعصبين، كل هذا لم يثن بن فرناس عن المضى قدما فى مشواره ولم يثبط عزيمته حتى جاء اليوم الذى قرر فيه الطيران والتى فشلت بسبب عدم إستخدامه للذيل كما تطير الطيور وقد تناولها المؤرخون كل بطريقته لكن الجميع اتفقوا على أنها أول تجربة طيران فى العالم.