هناك حكمة تقول: "الوقت الذي تظنّ فيه أن كل شيء قد انتهى.. هو وقت البداية". فحقًا كلمة النهاية عادةً ما تكون من وجهة نظرنا نحن فقط، أما الواقع فهو مُختلف تمام الاختلاف، فنهاية أي شيء تعني أن هناك بداية أخرى في انتظارك، والدليل على ذلك أن الثورات كانت نهاية حُكم، وبداية حُكم جديد، ونهاية عام دراسي، تعني بداية مرحلة دراسية جديدة. حتى في العلاقات الإنسانية، فعندما تنتهي علاقة حُب أو ارتباط أو صداقة، تبدأ علاقة جديدة في حياتك، وأحيانًا أخرى تبدأ علاقتك مع نفس الشخص، ولكن بشكل مُختلف، بمعنى أن علاقتكما تأخذ منحى آخر.
فلا تظنّ أن النهاية هي نهاية كل شيء، فالأمل دائمًا ما يأتي بعد الشعور بالإحباط واليأس، والبداية دائمًا ما تلوح في الأفق بعد أن تُكتب كلمة النهاية، فالنهايات خُلِقَتْ لكي تظهر بدايات جديدة، ووقت البداية مرهون ومُرتبط بالنهاية.
والأهم من ذلك أن هناك بعض الأشياء التي تحتاج إلى نهاية حتى تستطيع أن تستعيد نفسك وتبدأ من جديد، فالنهاية لا تعني نهاية الحياة، بل هي مُجرد غلق صفحة قديمة، وفتح صفحة جديدة، وإعادة الحسابات من جديد، حتى يستطيع الإنسان أن يسترد ذاته، ويُقوّم أخطاءه ويُصحح أداءه. وهذا هو قمة الأمل، وأكبر دليل على الإرادة والقوة الإنسانية، فبدون تلك النهاية، ما كانت بدأت هذه البداية.
فالحياة كالسلم لابد أن تصعده درجة درجة، والدرجة التي تنتهي منها هي النهاية، والدرجة التي تتأهب لصُعودها هي البداية.
وعليه، فلا تخشى من النهاية، بل على العكس درب نفسك على أنك على أعتاب مرحلة جديدة، وبداية جديدة تحتاج فيها إلى كامل قُوتك، واستجماع إرادتك، حتى تكون أهلاً لها.