كثيرًا ما ننطق مصطلحات بطريقة خاطئة، ونتوارثها جيلاً بعد جيل، وهذا النطق يغير مفهوم المصطلح تمامًا، ويُحوله إلى معنى مُضحك، بل ونبدأ في سرد الحكايات والقصص عنه التي لا صلة لها به على الإطلاق.
فمثلاً، كلنا نعرف حي "زنقة الستات" في الإسكندرية، فالمصطلح مضحك للغاية ويعطي إحساس بأنه مكان مكتظ بالسيدات، وبدأت النكت، والسخرية يتم إطلاقها بناء على هذا المصطلح كنوع من الفكاهة، وفي الحقيقة أن اسم هذا الحي ليس "زنقة الستات"، وسأروي لك قصته الحقيقية.
هذا الحي أول من افتتح محلاً به كان رجلاً يهوديًا من تونس، وقيل في بعض الروايات أنه من المغرب، واسمه "لستات"، أو "لستيت"، وكان يُطلق على الحارة في ذلك التوقيت اسم "زنقة"، وعليه أطلق على تلك الحارة اسم "زنقة لستات"، على اسم هذا التاجر، ولكنه تم تحريف الاسم مع الوقت، بسبب الرغبة في النطق الأسهل أو الأظرف.
وبالمصادفة فإن هذه الزنقة اشتهرت بقصة السفاحتين "ريا وسكينة" حيث كانتا تصطادا النساء وتستدرجهن وتقلتهن بعد سرقة مصاغاهن الذهبية.
وعليه، فهذه الزنقة حيكت حولها العديد من القصص والروايات، وأولها تحريف اسمها الحقيقي، ولكن المُصادفة الطريفة أن أغلب رواد ذلك المكان القاطن في حي المنشية بالإسكندرية، هو من النساء بالفعل، وذلك لابتياع الإكسسوارات، وأدوات التجميل، والأقمشة، والحلي، وغيرها من البضائع التي تتهافت عليها النساء والفتيات.
والأطرف من ذلك أنه مهما روينا قصة الاسم الحقيقي والصحيح، سيظل الاسم الدارج هو الذي يتردد على ألسنة الناس، لأن الاعتياد هو أقوى شيء يصعب تغييره في الإنسان مهما كبر عمره، وزادت خبرته.