تمثل الشائعات ظاهرة سلبية من جملة الظواهر التى تظهر فى المجتمعات على مر العصور والأزمنة ويتلخص تعريفها بأنها أخبار مصطنعة زائفة تصدر من أفراد أو جهات مجهولة يتم تداولها شفهياً أو بأى وسيلة أخرى دون الإشارة لمصدر أو ما يدل على صحتها وهى غالباً ما تكون كاذبة
لا تمت للحقيقة بشىء وربما يكون حدث ما يتم تحريفه ونقله بصورة توظيفية خادعة تهدف إلى التأثير على الروح المعنوية وتدميرها وإحباط الهمم واصطناع وإثارة الفتن وتعميق الخلافات القائمة بين فئات المجتمع.
وقد واجهت مصر خلال السنوات الماضية تحدياً خطيراً، ربما يكون من أخطر التحديات التى فٌرضت على الدولة فى تاريخها الحديث وهو خطر الشائعات التى لم يترك حقيقةً أو إنجازاً إلا وشكك فيه، واختلق له أوجه قصور وهمية بطريقة ممنهجة خبيثة تعزى إلى إحداث بلبلة وانعدام ثقة بين المواطن ووطنه وضرب ثوابت راسخة فى وجداننا وعقولنا غير قابلة للتشكيك أو التدليس وأٌسند بطولة أداء هذا الدور التمثيلى إلى زبانية الباطل وأفافين الفتن هؤلاء هم مرتزقة الشائعات ومروجى الأكاذيب.
فهؤلاء العملاء الخونة يتخذون من منصاتهم الإعلامية المشبوهة مصدراً لإطلاق الأكاذيب وعكس الحقائق وزرع الفتن بين أطياف الشعب الواحد، لا يهمهم فى ذلك مصلحة وطن أو مواطن، ولا يهتمون بما فيه صالح للمواطن، على عكس ما يحاولون إظهاره وتصديره، هم يهتمون فقط بما يتقاضونه نظير هذا العمل الخسيس وما يدخل فى أرصدة حساباتهم من أموال مقابل براعتهم فى القيام بهذا الدور الوضيع وخيانتهم لأوطانهم وافترائهم على الحقائق وعكس صحتها وتصوير الإنجاز على أنه فشل والنجاح على أنه إخفاق وفرس رهانهم فى ذلك هى بساطة العقول وعزلها عن الواقع والسيطرة عليها وإيقاف تدبرها لما حولها.
على الجانب الآخر لا نغفل دور هؤلاء المرتزقة فى الداخل المتغلغلين فى نسيج الشعب المصرى الذين لا يكلون ولا يملون من تزييف الحقائق وتشويه الواقع وإطلاق الشائعات الكاذبة الموجهة التى لا تتماشى تماماً مع التطوير والإصلاح الملموس مستخدمين مبدأ (لا تقربوا الصلاة) فى نشر أكاذيبهم وتضليلهم للرأى العام، يعجبون الناس بورعهم فى الحديث الخادع وزهدهم الزائف، هؤلاء المندسين يشكلون الخطر الأكبر على وحدة الصف واستقراره، حيث يكمن خطرهم فى تظاهرهم أمام الناس بعدم انتمائهم لفصيل أو تيار بعينه مما يزيد من مصداقيتهم الكاذبة لدى عموم الناس على عكس حقيقتهم وتوجهاتهم العدائية للوطن فلا مكان لهؤلاء بيننا ولا وجود لهم داخل أوطاننا ينعمون بخيراته وينتفعون من إصلاحاته، فتطهير الدولة من هؤلاء واجب ضرورى علينا جميعاً تقديم المصلحة العامة ومصلحة الوطن والمواطن على السواء فلا ننتظر من هؤلاء الاعتراف بواقع أو الثناء على إنجاز أو نجاح لهذا البلد.
فهم لا يبالون من خداع الناس ولا يردهم مصلحة أوطان هم يهمهم فقط ما يجنون من أموال أو منافع شخصية نظير هذا الدور التوظيفى الخسيس يبررون للناس أى ضرر يلحق بالوطن وينتقدون أى عمل فى صالحه فوصل الأمر إلى تبرير القتل وإزهاق النفس وإرهاب المواطنين على الرغم من تحريم ذلك فى جميع الأديان السماوية فأى دين وأى منطق يقبل هذا ولكن التحدى هنا أن لا نترك لهؤلاء فرصة زعزعة إستقرارنا وضرب ثوابتنا المبنية على حقائق واضحة معلومة لا تقبل أى إحتمال أو تكهنات ونزود عن أوطاننا بكل قوة وردع لهؤلاء الخونة لأنهم يحاولون بكل إصرار وخسة تخريب الأوطان وشق وحدة الصفوف وزرع الفتن وتدمير كل ماهو إيجابى لخلق الفوضى والبلبلة والتأثير على المعنويات.
فالمسئولية الوطنية تحتم علينا ألا نقف مكتوفى الأيدى ونفسح المجال أمام هؤلاء لهدم الوطن وتدميره بنشر أكاذيبهم وبث سمومهم فى عروق الوحدة الوطنية وتفكيك التكاتف واللحمة حول قيادتنا السياسية فالشائعات تنحسر وتموت إذا فشلت فى مواجهة المنطق وإذا تعذر عليها وجود مناخ خصب تنمو وتنتشر فيه والأهم إذا وجدت عقول واعية غير متحفزة لقبول هذا الوباء اللعين الذى ينخر فى وحدتنا الوطنية وحبنا لأوطاننا فمن السهولة هدم الأوطان وتدميرها ولكن من الصعوبة بل ومن المستحيل إعادة بناء وطن فإذا كانت الحرب السافرة القذرة تستهدف بأسلحتها الفتاكة جسد الإنسان وأرضه وعمرانه ومدينته وثقافته وهويته فهذه الحرب المستمرة تستهدف عمقه وعقله ونفسه وقيمه.
إنها حرب الشائعات.
حفظ الله مصر من كل مكرٍ وسوء.