"الجزاء من جنس العمل"، مقولة توارثناها، وتعايشناها جيلاً من بعد جيل، فهي تعني الكثير، بمعنى أنك لو قدمت خيرًا، ستُجازى خيرًا، ولو قدمت شرًا ستجُازى شرًا، ولو زرعت وردًا وحُبًا، ستحصُد وردًا وحُبًا، ولو زرعت حنضلاً ستحصد مرارًا.. ولو آمنت ستدخل الجنة، ولو عصيت ستدخل النار، ولو أحببت إنسانًا سيُحبك، ولو كرهت إنسانًا قطعًا سيكرهك.
فهذا هو الناموس الطبيعي للحياة، وهذا من أهم قوانينها على الإطلاق، فهو قانون عادل ومُنصف، ويضع لك الحق في الاختيار، وكما قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
ولكن سبحان الله، فهناك قاعدة حياتية تحدث لنا باستمرار، وهي العِوض، ألم نلاحظ أن عِوض المولى عز وجل لابد أن يشتمل عل شيء يحمل صفات من ذات أسباب الألم، بمعنى أنه لو كان سبب ألمك صديق خائن، فالمولى يُعوضك بصديق مُخلص، ولو كان حبيب غدار، تلتقي بالعِوض، وهو حبيب وفي وصادق، ولو كان اضطهادًا في عمل، تجد عملاً مُريحًا ومُنصفًا، ولو حُرمت من نعمة الأولاد، يُعوضك بإنسان مُطيع وبارّ، يكون لك أكثر من ابنك الذي من صُلبك ودمك.
وهكذا، فدائمًا ما يأتي العِوض من جنس الألم، وهذا من رحمة المولى عز وجل علينا أنه يُعوضنا عن الأشياء التي حُرمنا منها بأشياء تُماثلها، حتى لا نشعر بالحرمان، ولكن اختيار الوقت المُناسب يكون بتقدير منه جل شأنه وعلا.
لذا، لا تيأسوا من الأشياء التي تخسرونها في الحياة، لأنكم ستعوضون عنها بأشياء تُماثلها في المعنى، ولكنها تختلف عنها في القيمة والنقاء، وفي هذه الحالة ستُصبح خسارة الماضي مكسبًا، وهذا هو العِوض الحقيقي.