من أجمل وأرقى مَنْ كتبوا عن المرأة "نزار قبّاني"، فهو نجح في تشريح إحساسها بشكل رائع، فهو وصفها داخليًا، وشرح أحاسيسها، وتعمّق في مشاعرها، لدرجة جعلت كل امرأة تقرأ خواطره أو أشعاره تستشعر وكأنه يصفها بشخصها، فمثلاً قال: "الأنثى مُتسامحة، صبرها طويل، وحُبها كبير، لكنها إن رحلتْ .. لن تعود أبدً".
فهذا بالفعل هو سلوك المرأة المُتسامحة، فهي لا تعود إذا قررت الرحيل، لأن قرارها يكون نابعًا من قناعاتها، وإيمانها، وعلى قدر الصبر، وقُوة التحمل يكون قرار الرحيل بلا رجعة.
وكذلك مقولته: "تتغير المرأة كثيرًا حين يظلمها أحد، أو يُقلل من قدرها، أو يجرحها مُتعمدًا، ومهما كان مقدار معزتها لهذا الشخص، ستُقلل حديثها وعلاقتها معه".
ورغم إعجابي الشديد بتلك المقولة، لأنها تصف المرأة بمنتهى الشفافية، إلا أنني كنت أتمنى أن يُضيف بعد كلمة المرأة عبارة (صاحبة العِزّة والكرامة)، لأن تلك المقولة لا تتسق إلا مع نوع مُعين من النساء، وهُنَّ صاحبات العِزّة. ولكن أيًا ما كان فلابد أن تعترف كل امرأة أن "نزار قبّاني" من أروع مَنْ كتب عن المرأة، ونجح في وصفها، بل ربما أفضل من كثير من النساء اللائي وصفن أنفسهنّ، وهذا وإن كان يدل على شيء، فإنما يدل على أن الإحساس بالآخر مُرتبط بالتعايش، والمصداقية، والإخلاص، وليس مُرتبطًا بالنوع أو الجنس.
فإذا أردت أن تعرف المرأة وتصفها، فلابد أن تعرفها على حقيقتها، ولابد أن تتعرف على امرأة بمواصفات عميقة، حتى تنجح في وصفها، والإحساس بها، فقُوتها تكمن في ضعفها، وضعفها هو سرّ قُوتها، وتسامحها هو بداية رحيلها، وانسحابها يكون بسبب كرامتها وعزّتها، فهذه هي المرأة التي عرفها "نزار قبّاني"، والتي كتب عنها "إحسان عبد القدّوس"، والتي ستظل لغزًا مُحيّرًا، على مدار الزمان، لن يفلح في حل شفرته سوى من يغزوها من الأعماق.