إلى هؤلاء الذين سيأتون إلى الحياة مُكبلين بميراث الآباء والأجداد بفعل التاريخ والجغرافيا الأجيال القادمة، الذين سوف يدفعون ديونهم المتوارثة على فترة حياتهم بالدنيا – أقساط- فيتم انهاكهم اجتماعيًا واقتصاديًا وبالتبعية معرفيًا وتنمويًا فى صيرورة مُهلكة... لكم الله...أقولها ليست يأس وإنما إدراكًا لجوهر المشاكل المتداخلة التى نحياها - نحن نعيش المشكلة وليس الحل سواء قصدًا أو بحسن نية، فالطبيب أثناء تشخيصة لمرض خبيث ما يهمه عدة عناصر أهمها:(حجم الورم Size، ومكان الورم Location، وسلوكه Behavior، وفى الأخير الوقت الذى استغرقه ليكون فى وضعه التفاوضى الحالى مع جهاز المناعة بالجسم) ؛ فعلى سبيل المثال: معالجتنا لقضية أطفال الشوارع وأثناء استهلاكنا للوقت فى تحقيق حلول وهمية تتحَّور القضية لتصبح فى جيلها الثالث" أحفاد الشوارع" ونحن لا نزال واقفين أمام حلول الماضى عندما كان تعريف المشكلة " أطفال الشوارع" إذاً لاحلول لأى مشاكل من هذه النوعية بسبب اغفالنا عنصر مهم هو " الزمن " البُعد الرابع الذى يُراكم المشاكل ويخلق ويُخلِف لنا حزم من العلاقات الشديدة التعقيد والذكاء مايمكننى تعريفه "بالمشكلة الذكية" التى يمكنها مراوغة الحلول وهذا بدوره يحفزنا لانتاج حلول أكثر ذكاءًا من ذكائية بناء تلك المشاكل.
والآن نتعرض بالدراسة والتحليل لبعض وأهم مشاكلنا أولاً: التعليم...(السنة السادسة بالتعليم الإبتدائى مالهاش أهل يسألوا عليها – الدروس الخصوصية -الكتب المدرسية وتكلفتها – الكتاب الخارجى البديل)الحل: منهج تعليمى يتغير كل ثلاث سنوات – كحد أدنى- لضمان أن يتعلم المدرس قبل الطالب، وقانون صارم لتفعيل الثواب والعقاب بشأن مواجهة جائحة الدروس الخصوصية والعودة للمدرسة كدعامة موازية لدور الأسرة فى التربية، منظومة رواتب كريمة تدريجيًا للمدرس وربطها بالانجاز الفردى والجماعى. ولابد أن يتحول المُدرس من تلقينى إلى مفهوم Active Learning ( التعليم التفاعلى) بثلاثية فكر وابحث واستنتج إذ أنه يُعلم الطالب كيف يتعلم وليس تلقينه مادة علمية معينة تفعيلاً للتعلُّم الذاتى دونما اغفال لجودة البيئة التعليمية والمدرسية من بنية تحتية وتجهيزات وهدم عقدة العهدة الحكومية بشأن التجهيزات على وجه الخصوص ( الجهاز يتكهن قبل الاستخدام!).
عموماً، لدينا مشكلة فى التعليم تبلغ ذروتها فى التعليم الثانوى الذى يكافىء نمط الخوف من التفكير وعدم ربطه بسوق العمل كما هو متبع بدول كثيرة؛ لاستهداف مخرجات كالمنتج والخدمة والفكرة التى تخدم قطاعات عديدة - وزارة التعليم الفنى – التعليم العالى سادة – التعليم العالى بالبحث العلمى- البحوث والدراسات المستقبلية - الثقافة المجتمعية وتصدير الإحباط "اللى اتعلموا خدوا ايه"؟ المفروض يكون السؤال "اتعلموا ايه واتعلموه ازاى واتعلموه ليه".
البحث العلمى وفرق البحث :نظام الترقى للدرجات الأكاديمية العليا تعطى درجات أعلى للأبحاث الفردية – التى ألفها باحث واحد – وبذلك نسير عكس اتجاه مسارات العلم فى دول العالم المتقدم ضاربين بفكرة التكامل والقيمة المضافة وجودة البحث العلمى ومخرجاته والربط بسوق العمل والصناعة وكافة الأنشطة الحياتية عرض الحائط قاتلين فكرة الـ Team Work والنجاح الجماعى.
الصحة والبيئة...(رفع شعار مرض لكل مواطن، وتوجد خصومات على أمراض الموسم –الأطباء الكم والكيف – طب الأسرة - الطب الوقائى – التلوث –استهلاك المضادات الحيوية – الصيادلة وبائعى الدواء- التوعية الصحية - الدواء ناقص خد بديل - سباق السرطان وبناء المستشفيات – ثقافة المرض لدى المصريين – التبرعات لكل المستشفيات – عدم دقة البيانات – تراكم القمامة فى شوارع مصر وعلاقتها بالمرض–الدواء وأسعاره ومادته الفعاله – التأمين الصحى غير صحى - النيل والصرف الصحى والصناعى –المستشفيات وتطويرها؟! كل ماسبق عرض سريع لمشاكل قطاع الصحة والبيئة)الحل: هنا فكر إدارى بحت فالقاسم المشترك بين مفردات المنظومة الصحية والبيئية السابق عرضها هى سوء الإدارة وتهالك منهجياتها وعدم مواكبتها فكريًا وفنيًا لكم وكيف المشاكل.فقد لا يستوعب الإطار القديم فكر جديد...كفاية تطوير!
البنية التحتية الثقافية..عواصم المحافظات تحتاج إلى إعادة الذاكرة الثقافية المفقودة اليها فمثلاً مشاكل من نوعية شعب لايقرأ – ثقافة سطحية – الاتصال الاجتماعى – أثر التكنولوجيا واستيلادها لحالة الاغتراب الأسرى وبالتبعية المجتمعي" قربت البعيد وبعدت القريب" – ثقافة سريعة الهضم - الكتب وأسعارها – الأكثر مبيعًا لايعكس جودة أفضل قد يعكس استهلاك لأدنى الأفكار نتيجة انخفاض سقف الوعى والإنتقائية والفلتره الثقافية...مين بيقرأ ايه...ازاى....ليه؟! وعدم تركيز الأحداث الثقافية الكبرى فى القاهرة فقط...توجد محافظات أخرى فى مصر! القاهرة التى من فرط مركزيتها وتسليط الضوء كله عليها يترادف اسمها مع مصر – يتم اختزال البلد فى عاصمتها- لدى أهالينا فى أقاليم مصر من شمالها إلى جنوبها فيقول القادم من أى جزء فى مصر إلى القاهرة " أنا رايح مصر".
الحل: تبنى الكِتاب من جديد بعد فترة طويلة من القطيعة والُيتم لمن هجروه وليس للكِتاب.
كل ما سبق من أقساط اختلفت فى فترة سماحيتها فى السداد لصالح تُجار الحضارة ومُدعيها حتمًا تفوق تنمية أى بلد وأى تقدم...الحل ليس فى محاكاة أو استيراد تجربة بلد ما بكل تفاصيلها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إنما يبدو لى الحل فى صناعة نهضة وتكرارها ومراكمتها وصولاً إلى حضارة - محلية الصنع - تفصيل على مقاسنا.
وفى ذلك النموذج النهضوى الذى يُتوقع له متراكمًا أن يكون حضاريًا يجب أن تكون هناك عدالة فى دفع تلك الأقساط كُل حسب تعليمه ومستوى ثقافته واستهلاكه لمفردات النهضة.
مما خلصنا أنتهى إلى...أننا شعب عليه أقساط نعم....لكنه إلى الآن لم يسددها ولم يهب وينتفض للقيام بواجباته كما ينبغى لسداد تلك الأقساط ولا حتى تقليل فوائدها المركبة، والغريب أن لديه الموارد ( الأشياء) والأشخاص الذى يمكنهم التفاوض بشأن آلية تسديد الأقساط بأسانيد من التاريخ والجغرافيا...لكن هؤلاء الأشخاص تنقصهم الأفكار التى تغلق دائرة صُنع النهضة إيذانًا بالتعجيل Acceleration نحو التراكم المنشود وصولاً للحضارة وليدة المدى البعيد.
الخلاصة: ما تقدم ليست رؤية متشائم – بإطلاقه - لكنه تشاؤم العقل الذى يعكس الواقع بجلاء ولكن تبقى الإرادة متفائلة...كى ننجز ما فاتنا ونعوض ما قصرنا فيه بالتخطيط والعمل الجاد.