لا خلاف على تأثير وقوة السوشيال ميديا على حياتنا، فلقد باتت هي التي تكون وجدان الناس، وتحدد مساراتهم الفكرية، وتوجهاتهم العاطفية، وظهر مُؤخرًا مجموعات تُندد بفلان، أو تتعاطف مع فلان، والحقيقة أنه ظهرت مجموعات تتعاطف مع أحد مُرتكبي إحدى الجرائم التي أصبحت قضية رأي عام، ورغم أن لكل إنسان وجهة نظر خاصة، ومن حقه أن يُحدد تعاطفه مع هذا، أو رفضه لذاك، فهذه هي حُرية التعبير، ولكن ألا نرى أن الأشخاص الذين ينشرون تعاطفهم مع مُجرم، يدعون إلى تبرير الجريمة، وينشرون هذا الفكر على الملأ، وهؤلاء يحتاجون لمَنْ يقول لهم: "إذا تعاطفت مع الجاني، فتذكر أولاً جريمته، وما تبعها من آثار على الجاني، وأقاربه". فهذا هو السلوك الذي الذي يجب أن يُسيطر على أفكار المجتمع.
ولا خلاف على أن التعاطف هو شُعور إنساني شخصي بحت، فلا يمكن لأحد أن يُملي على شخص الإحساس الذي لابد ان يشعر به، ولكن هناك فارق بين أن تتعاطف مع بعض الظروف المادية، أو المعنوية الخاصة بالجاني، وبين أن تُنشئ مجموعة وتضم إليها المُتعاطفين مع ذلك الجاني، فهذا السلوك قريب بحالة أن تجعل منه بطلاً أو زعيمًاـ، أو صاحب قضية وطنية، أو اجتماعية، ومن هنا يُصبح للجريمة مُبرر اجتماعي، ويُصبح للجُناة مُعجبين ومُؤيدين، وهذا بالقطع له تأثير سلبي للغاية على أفكار المُجتمع، خاصة من الشباب والمُراهقين.
فلا تجعلوا من الجريمة عنوانًا للبطولة، لا سيما وأن القانون وضع عُقوبات متباينة بين الحد الأدنى والحد الأقصى، وذلك مراعاة للظروف والدوافع الخاصة، ولكنه رغم ذلك لم يجعل من زاهق الأرواح بدون وجه حق أبطالاً، يتم التعاطف معهم، وإنشاء مجموعات للدفاع عنهم، فهذا ما لا يستسيغه المنطق، ولا يتقبله العقل، ولا يتسق مع مبادئ الأخلاق والمُجتمع، فهؤلاء إذا أطلق عليهم لقب أبطال، فلن يكونوا سوى أبطال الدماء.