وضع نظارته على المكتب، فرك عينيه إثر إجهاد من القراءة المتأنية، وبعد أن أغلق الملف الموجود أمامه، وقد علت وجهه آيات من الدهشة والتعجب أو الإعجاب، قال: الحق أنك فريد من نوعك، ويبدو أن لديك فكر ما، وقدرة على احداث تغيير عملى بصورة جديدة. ,اظن أن لك مستقبل آت ولا ريب.!
لكن يا بنى، للترتيبات المسبقة، سطوتها ولا نملك حيالها شيء، ونأمل من الله أن يأتى ترتيبك فى القريب.
وما الترتيب المسبق ؟
يعنى أن تكون الأفضل والأجدر، ثم لا تصل لمبتغاك لترتيبات مسبقة.
ولماذا لا يتغيّر الترتيب المسبق ؟
يتغيّر ؟!! وهل نملك تغيير القدر؟!
فمتى يتغيّر ؟ وكيف؟!
يتغيّر فى اللحظة التى تضطرب فيها رقعة اللعبة، ويتغيّر وضع القطع بها فينهار المنطق الذى يحكمها ليحلّ منطق جديد بترتيبات مسبقة أخرى.
ثم بصوت هامس غلبت عليه الحكمة والشقوة معا: يا ولدى، ما حياتنا جميعا إلاّ سلسلة من الترتيبات المسبقة، وما شقاء البعض إلاّ نتاج خيبة فى كسر حلقة تلك الترتيبات المفروضة عليهم، والفرار منها، لكن الحق مرة أخرى أنهم يفرّون من ترتيب مسبق لآخر أكبر وأشمل فى دائرته واتساعه.