لماذا تكون الصفات التي نُميز بها الآخرين، هي العُيوب الشخصية، أو الجسدية التي يتسمون بها؟! بمعنى أننا نصف العلامة المُميزة بهم بعيوبهم، فهذا الأمر مُلفت للنظر بشدة.
فهناك قصة تحكي عن رجل التقى بإحدى زميلاته القدامى، وكان يسألها عن زميل لهما تم ذكر اسمه أمامه، ولكنه لم يتذكره على الإطلاق، فسأل زميلته عنه، فقالت: "إنه ذلك الشخص الذي كان يتسم بالوسامة الشديدة"، فقال لها: "لازلت لا أذكره، امنحيني علامة مُميزة له"، فقالت: "إنه كان يتسم بالهدوء والرزانة، وكان يجلس دائمًا في ركن بمفرده"، فأجابها قائلاً: "لا، لم أتذكره على الإطلاق"، ثم استطرد مُنفعلاً: "أرجوكِ اذكري لي علامة مُميزة له".
فقالت: "ذلك الشخص الذي كان يجلس على مقعد متحرك".
وهنا فقط قال مُتذكرًا: "آاااه، لقد تذكرته الآن".
ولكنه أدرك حينها الفارق الكبير بينه وبين زميلته في وصف ذلك الزميل، فهو رآه من نقطة ضعفه، أما هي فلاحظت مُميزاته، واعتبرتها هي العلامة المُميزة له.
ولذا، فعلينا أن نُغير منظورنا للأمور، بمعنى ألا نذكر عيوب الآخرين كسمة من سماتهم، أو صفة مُلازمة لهم على الدوام، لأن هذا الأمر يُسبب الجرح والإحراج الشديد لأولئك الأشخاص، فنظرة عينك تحكم على شخصيتك، بمعنى أنك إذا عولت على الإيجابيات، فهذا يدل على طبيعة شخصيتك، والعكس صحيح، ثم ما المانع أن نُميز الإنسان بأناقته، أو بطبيعته الهادئة، أو بثقافته العالية، أو بغيرها من الصفات الإنسانية الإيجابية؟ ولكن أن تُميزه بعاهة، أو عيب خلقي، أو بوصمة مُشينة في حياته، فهذا سلوك لا إنساني في المقام الأول والأخير، وغير مُستساغ مسلكيًا أو نفسيًا.
وبالمناسبة، أي شخص طبيعي يرفض أن تكون عاهته هي سر تميزّه، وبالتبعية، لابد أن يتعامل بذات المبدأ، ويرفض نعت الآخرين بعاهاتهم، أو عيوبهم.
وهذا الأمر لا ينطبق فقط على الصفات الجسدية لبني البشر، وإنما يمتد إلى الأشياء، فليس من المُستساغ أن تصف الشيء بعُيوبه، بل الأحرى وصفه بمُميزاته، فالنظر إلى الجوانب الإيجابية المُشرقة، أفضل آلاف المرات من النظر إلى الجوانب السوداوية الباهتة، وكلما كانت نظرة عينيك أفضل، فهذا دليل على أن قلبك يحمل معانٍ أجمل، وتذكروا دائمًا أن العاهات الجسدية، أو النفسية ليست صفات يُوصف بها بنو البشر.