د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: لحظة بكل لحظات العُمْر

قيل قديمًا أن الحُب تضحية، ولكن أهم شرط في تلك التضحية أن الطرف الآخر لا يعلم بها، لأنه بالقطع لو علم سيرفضها، لسبب بسيط للغاية، أنه سيؤُثْر حبيبه على نفسه، بل وسيظل يُضحي من أجله، فهذا هو الحُب، وبالمُناسبة هذه ليست شعارات، ولكنها أهم وأول مبادئ الحُب وإلا سيُصبح الُحب مجرد كلمات بلا جدوى، أو حبر على ورق.

فيُحكى أنه في يوم من الأيام، خرج شاب وفتاة يركبون دراجة نارية في الطريق بسرعة 120 ميلاً في الساعة، أخذت الفتاة تصيح في الشاب أن يُخفض سرعته، وهي تقول: "يكاد قلبي أن يتوقف من شدة الخوف، أرجوك يا حبيبي اخفض من سرعتك، أخاف أن نتعرض لحادث أو كارثة"، ولكن الشاب رد عليها قائلاً: "لا تخافي يا حبيبتي، فأنا مُعتاد على هذه السرعة، ولن أدع الأذى يلحق بكِ، أعدكِ بذلك"، ولم يطمئن قلب الفتاة على الرغم من كلمات الشاب الرقيقة، وأخذت تقول له من جديد: "أرجوك أبطئ السرعة قليلاً، فلم أعد أحتمل"، حينها قال الشاب: "سأخفض سرعتي ولكن بشرط أن تعترفي الآن بحُبكِ لي، وتُعانقيني بشدة"، أجابت الفتاة على الفور: "أنا أعشقك كثيرًا"، ثم عانقته وقالت له: "هيا أبطئ السرعة الآن".

قال الشاب: "هل يمكنكِ أن تخلعي خوذتي وتضعيها فوق رأسكِ الآن، فهي تُضايقني كثيرًا"، قالت الفتاة: "حسنًا"، ونفذت ما طلبه منها الشاب.

وفي صحف اليوم التالي جاء خبر تحطيم دراجة نارية تسير بسرعة عالية جدًا، بسبب تعطل الفرامل، وكانت الدراجة تحمل شاب وفتاة، ولكن للأسف، الفتاة فقط هي من نجت، لأنها كانت ترتدي الخوذة الواقية.

والحقيقة أن الشاب شعر بتعطل الفرامل في طريقه، فحاول أن يكتم هذا عن حبيبته، وقرر أن يجعلها تعترف بحُبها له لتكون هذه آخر كلمات يسمعها قبل أن يفديها بعمره، ويجعلها تلبس الخوذة بدلاً منه، لتبقى هي على قيد الحياة، ولا يمسها أي أذى كما وعدها.

فهذا هو الحُب، وهذا هو معنى الإيثار والتضحية، فلو كان اعترف لها بالحقيقة، كانت بالقطع سترفض فداءه لها بروحه، لهذا فضّل أن يفديها دون أن تعرف حقيقة الأمر، فالحُب لا يحتاج إلى كلمات، بقدر احتياجه إلى مواقف حقيقية تعضده، ولكن رغم ذلك فهو لا يستغني عن الكلمات الرقيقة الحانية، بدليل أن الشاب أصرّ أن تُطرب أذنيه باعترافها بحُبها له، حتى يستمتع في آخر لحظة في حياته بأجمل اعتراف وهو الحُب، فالحُب كلمات ومواقف ومعاني وأحاسيس، ربما تظهر في لحظة واحدة، وحينها يتمنى صاحبها أن يتوقف الزمن عند تلك اللحظة، حتى يظل يحلم بها، ولا تمر أو تفلت منه.

فهل نُنكر أن هناك لحظة واحدة قد تكون بساعات وأيام العمر بأكمله، فهي ليست لحظة انتصار، ولا كسب، ولا استيلاء، ولا ثراء، ولا قوة، ولكنها لحظة حُب حقيقية تُشعر مَنْ يعيشها أنه ملك، ولا يبغي من الدنيا سوى تلك اللحظة، ومن شخص مُعين، فهذا هو الحُب. بقلـــم



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;