حازم الشريف يكتب: العبور الممهور

تتسارع كل دول العالم نحو كبح جماح التضخم الاقتصادى الذى ضرب الأسواق العالمية، وكل الأوساط المالية نتيجة التغيرات المتلاحقة التى طرأت على الساحة الدولية فى الوقت التى تتزايد فيه وطأة الضغوطات السعرية، مما أربك حسابات معظم الدول، لا سيما الدول الاقتصادية الكبرى، وألقى على عاتقها مشكلات ليست فى الحسبان، ولا تشملها أى مخططات شمولية مستقبلية، أدى ذلك إلى ضبابية المشهد العالمى، ووضع معظم البلدان فى مأزق معقد لا يتوقع الخروج منه بسهولة. ففى غضون أسابيع قليلة شهد العالم صدمة كبيرة مجدداً، فبمجرد أن بدأت ملامح التعافى النقاهى من الجائحة تلوح فى الأفق، اندلعت الحرب الروسية - الأوكرانية لتقضى على المكاسب التى أمكن تحقيقها مؤخراً، وأبطلت كل الخطط المعدة لتلاشى ماخلفته الجائحة من آثار إقتصادية سيئة وهكذا فإن التحديات العديدة التى يواجهها العالم تقتضى اتخاذ إجراءات ملائمة ومنسقة على صعيد سياسات المستويين الحكومى والمجتمعى لإيجاد حلول متعدد الأطراف للحيلولة دون تدهور النتائج وتحسين الآفاق الاقتصادية للجميع. فعلى صعيد الشأن المصرى سعت الدولة المصرية إلى بناء اقتصاد وطنى يتمتع بمقومات تنافسية تساهم فى تعزيز مستويات النمو فى مختلف القطاعات وذلك من خلال تبنى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية الشاملة ووضع استراتيجيات ناجحة المرجو منها تحقيق الاكتفاء الذاتى فى مختلف المجالات التى تستنزف الموازنة العامة للدولة وهو الأمر الذى شكل حجر الزاوية فى القدرة على الصمود فى مواجهة الأزمات والتحديات العالمية الراهنة. ولكن السؤال هنا هل يستمر هذا الصمود طويلاً وهل وضعنا الإقتصادى يسمح بتحمل المشهد العالمى المتخبط والصورة الضبابية التى خلفتها تلك الأزمات المتلاحقة، خاصةً وأن اقتصاد البلاد مازال فى مرحلة النمو والتعافى من سياسات خاطئة موروثة من عقود مضت وصلت بنا الآن إلى الاعتمادية بشكل مباشر على الاستيراد وإهمال الإنتاج فى شتى المجالات إضافة إلى تأثر أحد ركائز الدخل القومى الرئيسية وهو قطاع السياحة بما يجرى الآن من تقشف عام وتوفير نفقات وترتيب أولويات الصرف لدى كل المجتمعات على المستوى العالمى وتوجيه الإنفاق لدى الفرد إلى احتياجاته الأساسية، مما ترتب عليه تغيير ثقافته المعيشية بشكل اضطرارى. هنا يظهر دور المجتمعات فى التعامل مع الأزمات وقدرتها على التكيف مع استراتيجية الخروج منها وقراءة الأحداث بشكل موضوعى وما هى درجة تقبلها لفكرة الترشيد والاعتدال فى الإنفاق والفهم الحقيقى للتبعات المتوقعة من تلك الأزمات التى هى تعتبر نقطة تحول وتغيير مسار إما بالصعود أو الهبوط فالمشهد العام يفرض على الجميع التحلى بالمسئولية وفهم الدور الوطنى المطلوب لا فرق فى ذلك بين حكومات أو مجتمع مدنى فسلوك الفرد الآن وثقافته أحوج إلى التغيير من أى وقتٍ مضى لكى يتناسب مع آليات الخروج من هذا المشهد المفاجئ. يعتمد نجاح التخطيط لإدارة الأزمات والخروج منها على تكامل جهود مختلف الأطراف والجهات المعنية بما فى ذلك سلوكيات المواطنين تجاه الأزمة والتى من شأنها أن تُحِدّ أو تزيد من تفاقم الأزمة حيث من المهم العمل على رفع مستوى المعرفة لدى الفئات المختلفة للمجتمع والتعرُّف على مدى إلمام أفراد هذا المجتمع بالمعلومات والحقائق السليمة حول هذه المستجدات الطارئة. وكلنا ثقة وتفاؤل فى أن تكون مصرنا الحبيبة من أوائل الدول التى تعبر هذه الأزمة وتتغلب عليها إنطلاقاً إلى مستقبل يحقق تطلعات أبنائها والعيش الكريم لجميع مواطنيها بفضل تضافر الجهود ووحدة الصفوف والتسلح بالوعى والحكمة فى كافة الأمور. حفظ الله مصر من كل سوء.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;