عندما تسأل أي إنسان عن قيمة أي شيء لديه، فيحب أن يُجيب إجابة تُؤكد مدى أهمية هذا الشيء بالنسبة له، فيقول أنها مثل الهواء، لأن الهواء هو أول شيء يحرص عليه الإنسان حتى يتنفس، فهو سر الحياة، فعندما تنتهي حياة الإنسان تتوقف حاسة التنفس لديه، لذا فإن الرئة هي من أهم أعضاء الجسم التي لو تأثرت يختل كيان الإنسان تمامًا ويشعر حينها بأهمية الهواء النقي بالنسبة له، لذا فإن أهم الأشياء لدينا يُشبه الهواء، وبالمناسبة، إذا أراد الإنسان شيئًا بشدة، وتمنى أن يتحقق، فعليه أن يعتبر هذا الشيء مثل الهواء بالنسبة له، فهنا سيقاتل من أجل الوصول إلى هدفه.
ففي يوم من الأيام، سأل فتى شيخًا حكيمًا عن سر النجاح، فقال الحكيم للفتى: "قابلني غدًا صباحًا عند النهر، وسأخبرك بالجواب هناك"، وفي الصباح بدأ الشيخ الحكيم والفتى يمشيان باتجاه النهر، وواصلا السير في النهر حتى وصل مستوى الماء إلى فم الفتى، حينها أمسك الشيخ الحكيم برأس الفتى ودفع به في الماء.
كان الفتى يُكافح ويُحاول الخروج من الماء، لكن الحكيم استمر في دفعه إلى الأسفل، ثم شعر الفتى بسمكة تنزلق وتدفعه إلى الأسفل، ثم شعر بسمكة أخرى تنزلق على ساقه، فأخذ يتخبط ويصارع بكل طاقته ليخرج من الماء.
وفي النهاية، سحب الشيخ الحكيم رأس الفتى إلى الأعلى حتى يتمكن من التنفس، شهق الفتى وهو يستنشق نفسًا عميقًا من الهواء، وقال الشيخ الحكيم: "ما الذي كنت تُصارع من أجله عندما كنت تحت الماء؟"، فأجاب الفتى: "الهواء"، فقال الحكيم: "أنت الآن تعرف سر النجاح، عندما تُريد تحقيق النجاح بقدر ما تُريد الهواء عندما كنت تحت الماء، ستحصل عليه، هذا هو السر الوحيد".
والحقيقة أن هذا ليس سر النجاح فقط، ولكنه سر الوصول إلى أي هدف يبتغيه الإنسان، فمجرد رغبة الشيء لا يكفي للوصول إليه، ولكن لابد أن نتنفس هذا الشيء، ويُصبح نقطة ارتكاز في حياتنا، فهنا فقط نستطيع أن نصل إليه، وهذا الشيء قد يكون فكرة أو حقيقة، أو حلم، أو هدف، أو إنسان، أو أي شيء، فإذا وضعته في حياتك، موضع الهواء، وقاتلت من أجل الوصول إليه، ستجد كل أسباب وعوامل نجاح المهمة تنجذب إليك، للوصول إلى هدفك.
فالأحلام يا سادة لا تتحقق على الأرائك الوثيرة، ولكنها تتحقق على الأرض الصلبة، وأحيانًا من تحت الماء، وكثيرًا ما يكون مكانها فوق السحاب، وأيًا ما كان موضعها، لابد أن نتنفسها، حتى تُصبح مُرتبطة بحياتنا، فنُحارب من أجلها، وهنا فقط سنصل إليها.