أجرى رئيس مجموعة البنك الدولى ديفيد مالباس ورئيس كلية كوينز بجامعة كامبردج الدكتور محمد العريان حواراً حول اتجاهات الاقتصاد الكلى العالمية وآثارها على التنمية. الحوار جاء ضمن فعالية بعنوان: "الطريق إلى المستقبل"، وهى سلسلة من المناقشات المتعمقة التى يستضيفها البنك الدولى فى إطار مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها، السؤال الرئيسى لتلك الفاعلية دار حول كيف يمكن للبلدان النامية معالجة ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض قيمة العملات وثبات معدلات النمو؟ وما الذى يمكن أن تفعله البنوك المركزية والمؤسسات المالية الأخرى لإدارة هذه الأزمات؟
الدكتور محمد العريان قال، ومنه أقتبس "أن الاستثمار الأجنبى والمحلى يمثل أهمية كبيرة فى الفترة الحالية للخروج من معضلة ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو، العريان أشار أيضًا أن هناك مستثمرا طويل الأجل ينظر لاقتصاد الدولة التى يعمل بها نظرة بعيدة تمكنه من الدخول فى وقت الأزمات والاستفادة منها لجنى عوائد مستقبلية، بينما هناك مستثمر قصير الأجل يمكن أن نطلق عليه لقب (المستثمر السياحي) أو ما يطلق عليها "الأموال الساخنة"، وهو ذلك النوع من المستثمرين الذى يتميز بنظرة قصيرة الأجل ويريد تحقيق الأرباح السريعة ويخرج وقت الأزمة وهو ما حدث فى الأسواق الناشئة خلال العامين الماضيين، وترتب عليه أزمة فى التمويل ومزيد من التعقيد فى الوضع المالي".
الدكتور العريان وضع يده على بيت الداء فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبى والمحلى وأهمية نمو تلك الاستثمارات فى تجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، هذا النمو فى الاستثمار تزداد أهميته فى ضوء توقعات المؤسسات المالية الدولية المتشائمة التى تشير إلى استمرار تراجع النمو على مستوى العالم؛ حيث توقع البنك الدولى نمو الاقتصاد العالمى بمعدل 1.7% فى عام 2023 و2.7% فى عام 2024. ومن المتوقع أن يكون التراجع الحاد فى النمو واسع النطاق، مع تعديل التوقعات لتنخفض إلى نحو 95% من الاقتصادات المتقدمة ونحو 70% من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
الدولة المصرية بذلت جهودا كبيرة فى دعم وتحفيز الاستثمار الأجنبى من خلال سياسات جريئة وغير تقليدية تمثلت فى: "الرخصة الذهبية" و"وثيقة سياسة ملكية الدولة" و"الطروحات"، الحكومة، فى زيادة معدلات الاستثمار بمصر خلال آخر 8 سنوات؛ حيث ارتفع حجم الاستثمارات خلال عام 2015 إلى 6.88 مليار دولار بزيادة تقدر بنسبة 49.28% عن عام 2014، ليرتفع إلى 9.01 مليار دولار فى عام 2019 لتسجل مصر بذلك أعلى مستوى من تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر منذ عام 2010 بزيادة قدرها 40.6%، ومثل ذلك نحو 20% جعل من مصر الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبى المباشرة فى القارة الأفريقية، ثم عاد لينخفض نتيجة تداعيات الجائحة ثم الحرب الروسية الأوكرانية، ورغم ارتفاعها فى عام 2022، إلا أن قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا تزال أقل من المستهدف، فى المقابل معدل الاستثمار الخاص المحلى فى مصر، شهد تراجعًا فى الفترة ما بين 2019 وحتى 2021.
لكن عبور الأزمة الاقتصادية الحالية لن يكون إلا من خلال السواعد المصرية الوطنية، ودعم مبادرات الأعمال الوطنية صغيرة كانت أو كبيرة، وتحفيزها لم تعد ضرورة واجبة، بل ضرورة ملحة، وهى بالشراكة مع قطاعات الدولة الركائز الرئيسية للاقتصاد الوطني. وكما قال الدكتور العريان فهو الاستثمار طويل الأجل الباقى والداعم للدولة فى مواجهة الأزمات والتحديات. وإذا كنا نستهدف معدل نمو بنسبة 5.5% فى العام المالى 2023-2024 فلا سبيل لغير ذلك سوى الاستثمار الوطنى وليس الاستثمار السياحى الذى يحقق الأرباح السريعة، ثم يهرب إلى حيث الأمان.