يستقبل أى والدين مولودهما الجديد بمزيد من البهجة والسرور والسعادة بعد غياب وانتظار العديد من الشهور، فى حين أن آخرين يستقبلون طفلهما بمزيد من الحزن والأسى وعدم القبول أو قد يسيطر الحزن عليهما بسبب اختطافه بعد ميلاده وغيرها من المأسى والأحزان التى يتعرض لها العديد من الأطفال ليس لهم ذنب فيها، وهذا ماتناولته دراما رمضان في أحدث "جعفر العمدة"، حيث تم ميلاد طفله الوحيد واختطافه عقب ولادته، فما مصير هذا الطفل وما هى الحالة النفسية التى يتعرض لها عند قيام آخرين بتربيته بدلا من والديه؟، وماهى الحالة النفسية التى يتعرض لها الطفل بعد معرفة أهله ونسبه لهم؟.
مشاكل نفسية كبيرة يتعرض لها الطفل نتيجة انتشار ظاهرة الأطفال مجهولى النسب أو المخطوفين من والديهم؟ وغيرهم ، وقد وجدت الأبحاث أن الأطفال مجهولى النسب تزيد بينهم الاضطرابات الانفعالية والسلوكية مثل السلوك العدوانى والسرقة وصعوبات التعلم وهذه الإضطرابات لها جانب وراثى وجانب مكتسب أما الجانب الوراثى فيعود إلى النشأة البيولوجية لهذا الطفل .والسؤال المحير فى هذا الموضوع هو: متى وكيف نخبر هذا الطفل عن نسبه؟
•يمكن أن نقول أن الخبرة أثبتت أنه من الأفضل إخبار الطفل فيما بين الثانية والرابعة من عمره بشكل بسيط يستوعبه عقله الصغير، فيقال له إن أبوه قد ذهب بعيدا وأن من يقوم على رعايته يحبه ولن يتخلى عنه أبدا وذلك حتى لا يعلم الطفل بحقيقة نسبه من خارج الأسرة فيشعر عندئذ أن من يقومون على رعايته قد أخفوا عنه الحقيقة. وليس من المفيد إخباره بتفاصيل الأمر لأن ذلك قد يؤدى إلى كراهيته للأب الذى تخلى عن أمه ويؤدى إلى نظرة احتقار لأمه، كما لا يجب تلفيق قصص وهمية وإنما يكتفى كما ذكرنا بذكر أن الأب قد ذهب فى سفر بعيد وربما لا يعود .
• وبعض الأسر تؤجل ذلك حتى سن السابعة أو الثامنة حتى يستطيع الطفل استيعاب الموقف بشكل أفضل وبعض الأسر تؤجل ذلك حتى يكبر الطفل ويصل إلى مرحلة الشباب ويصبح قادرا على الاستقلال والاعتماد على نفسه، وفى كل الحالات يجب مواجهة الآثار التى تترتب على معرفة الشخص بحقيقة نسبه ودعمه نفسيا حتى يتجاوز هذه المحنة .
• أما بخصوص تسمية هذا الطفل فأحيانا يعطى اسما عتباريا غير محدد تختاره أمه كيفما ترى وفى أحيان أخرى يعطى اسم عائلة أمه مع الوضع فى الاعتبار المسائل الفقهية الخاصة بالتبنى والميراث وغيرها .
•وأم الطفل مجهول النسب تحتاج للرعاية والدعم من الناحية النفسية والاجتماعية حتى تستطيع أن تربى طفلها (أو طفلتها) بشكل أقرب إلى الطبيعى، ويحتاج الطفل لمن يقوم بدور الأب البديل وقد يقوم الجد أو الخال أو أحد الأقارب بهذا الدور لكى يعطى نموذج الأب، وهو نموذج ضرورى من الناحية النفسية والتربوية وغيابه يؤدى إلى خلل فى البنيان النفسى للطفل .
• ولا ننسى فى كل الأحوال أن هذا الطفل جاء إلى الحياة بغير ذنب جناه وأن من حقه أن ينعم بالحياة كأى طفل وأن تبذل كل الجهود لرعايته وتهيئة الظروف له كى ينشأ بشكل أقرب ما يكون للطبيعى رغم كل الظروف السلبية التى أحاطت بمقدمه ونشأته وعلينا كمجتمع أن نحفظ له كرامته كإنسان وندعم هويته المهتزة أو المكسورة كلما أمكن ذلك، وأن لا نحاسبه على خطأ لم يرتكبه مصداقا لقوله تعالى"وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌوِزْرَ أُخْرَىٰ".