حينما شرع الله الشرائع السماوية على الأرض بنيت على ثقافة الاختلاف واحترام الآخر، يقول المولى تبارك وتعالى فى كتابة العزيز " لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم"، صدق الله العظيم.
ومن هنا يتبين لنا أن الله تبارك وتعالى وضع ضوابط وقواعد حتى فى دخول الدين فلا يجب أن يكره أى إنسان على اعتناق الدين فلابد وأن يأتى القرار باقتناع الشخص نفسه رحمة من الله بعباده وإرساء لضوابط احترام الآخر مهما كانت ديانته والتعايش معهم فى سلام مادام الآخر لم يجر على ولم يحاربنى فى دينى ولم يحاربنى فى عرضى أو مالى فالأصل هو عدم الجور على أحد وأكبر دليل على ذلك عندما فتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة ماذا فعل مع أهلها قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء فمنهم من آمن برسالته ومنهم من لم يؤمن ولكنه لم يجبر أحدا على دخول الإسلام، وكذلك حينما فتح عمرو بن العاص مصر لم يجبر أحدا على دخول الإسلام فالأصل فى الدين لكم دينكم ولى دين والجميع يردون إلى الله والله يحكم بيننا يوم القيامة.
يراودنى موقف دائما لرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بالذهاب إلى بنى قريظة بعد العودة من غزوة الأحزاب وقال للمسلمين لا يصلين أحد منكم العصر إلا فى بنى قريظة واختلف الصحابة فيما بينهم فمنهم من قال نصلى العصر قصرا قبل السفر وآخرون قالوا نصلى العصر فى الطريق وآخرون امتثلوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالو لن نصلى العصر إلا فى بنى قريظة، واحتكموا إلى رسول الله فيما اختلفوا فيه فلم يعنف الرسول صلى الله عليه وسلم أحدا منهم بل وافقهم الثلاثة فكل منهم اجتهد فى أمره وكل منهم رأيه صحيحا.
الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية وجميعنا رأيه صواب يحتمل الخطأ أو خطأ يحتمل الصواب وفى بعض الأحيان لابد وأن ننحى خلافاتنا جانبا إن كان الأمر يتعلق بوطن أو دين فعلينا أن ننتصر فى معركة البقاء أولا وعلينا أن نثبت للعالم كله أن الإسلام لم يكن أبدا دين إرهاب أو تخويف وأن الإسلام دائما وأبدا يحترم الآخر ويقدر ويثمن دوره فكلنا خلقنا كى نعمر الأرض لا لكى نتناحر ونختلف ويعلم تماما أعداؤنا أن الاختلاف هو الشىء الوحيد الذى يفرقنا وأن تفرقنا استطاعوا هزيمتنا فعلينا أن نتحد دائما ولا نختلف أبدا.