إن تمهيد الطرق وغزو الصحراء واستصلاحها واستزراعها .. وبناء المصانع .. وإقامة الجسور والسدود .. وتشييد العمارات من السهل اليسير .. ولكن إعادة بناء الإنسان من الصعب وليس عسيرا .. لقد تضافرت الجهود وتم شق فرعا جديدا لقناة السويس الذى يعد معجزة القرن بأموال وعقول وأيادى مصرية ..
كما تم البدء فى إنشاء الصحارات لنقل المياه إلى أرض سيناء الحبيبة .. ويستمر العرق بذلا من أجل حياة أفضل تحت مظلة التنمية الزراعية والصناعية فى كافة المشروعات القومية التى بهرت العالم أجمع .. لقد بات وأصبح سهلا يسيرا النهوض بالاقتصاد المصرى ليحتل مكانته المرموقة بين الدول العظمى رغم ما يقابله من تحديات دولية وإقليمية غير معلن عنها قولا، ولكن أدوات مناهضة الخطط الاقتصادية سلوكا باتت وأصبحت يعرفها كل العالم .. ورغم ذلك يحمل الشعب المصرى على عاتقه مواجهة التحدى بما هو أقوى منه، إنها الإرادة المصرية تحت إدارة واعية.
أما من ناحية المجتمع المصرى .. فو الذى نفسى بيده صار مجتمعا متهالكا دينيا وأخلاقيا وإنسانيا وسلوكيا .. وقاد هذا التهالك اللسان .. لسان المرء به آفة يقودها الشيطان منها الكلام بالباطل .. والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله .. فقد يطلق شائعة ظنا منه، إنها تأخذ من كرامة الإنسان الآخر وتسىء إلى سمعته الطيبة ... وقد يصدقه البعض - من ضعيفى الإيمان وقليلى المروءة - فيأتون بتصرفات ظنا منهم أن الواشى على حق وأن الموشى فى حقه هو كما وصفه الشيطان من الإنس - حثالة المجتمع - وقد يشعر هذا الإنسان الذى شوهت سمعته ببعض التصرفات الغبائية من بعض أفراد المجتمع ... يتألم ولكن قال فى هذا الشأن الإمام الشافعى من عرف نفسه لم يضره ما قال الناس فيه .. فلو ذمك الخلق كلهم والله راض عنك فلن يضرك ذمهم .. (إذا كان سرى عند ربى منزها .. فما ضرنى واش أتى بغريب) .. والواشى هو إنسان مريض نفسيا فيقذف الغير بما ليس فيه للنيل منه .. ضعيف إيمانيا بدينه فهو من ينطبق عليه انفصال السلوك الدينى عن الفكر الإسلامى الذى يستمع إليه أسبوعيا فى حصة خطبة الجمعة والدروس الدينية اليومية من خلال القنوات الفضائية المصرية وغيرها .. وهذا الانفصال طامة كبرى .. إنه الإنسان الناقص أخلاقيا وفى هذا قال الشاعر ( وإذا أتتك مذمتى من ناقص ... فهى الشهادة لى بأنى كامل) .
المجتمع فى حاجة إلى إعادة بنائه دينيا ... وأخلاقيا ... وسلوكيا ... واجتماعيا ( الحفاظ على حق الجار كما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بل ودفع كل ما يؤذيه دفاعا عنه ... أن إعادة بناء الإنسان يعد مشروعا قوميا فى مقدمة بناء المشروعات القومية ... كفانا أن نرى المرض وننجح فى وصفه وصفا دقيقا ... ولكن يجب علينا أن نحارب ما نراه من تهالك المجتمع بكل عناصر تكوينه والمسئولية المطلقة تقع على كل من ... الأزهر الشريف ... وزارة الأوقاف ... وزارة التربية والتعليم التى غابت عن أداء دورها المنوط بها ... الإعلام بكل وسائله ( المقروء والمسموع والمرئى ) ... علماء الطب النفسى ... الكنيسة ... وزارة الداخلية ... وفى مقدمة ما تقدم (الأسرة) النواة الأولى لبناء الإنسان على القيم والأصول والمبادئ والمثل العربية الأصيلة التى بها كان الإنسان المصرى محط أنظار العالم كله إعجابا بحسن أخلاقه ... وطيب سلوكه ... ودماثة خلقة وطهارة لسانه ... والابتعاد عما يشار إليه بكلمة ( عيب ).
***