فى ظل الغفلة والنسيان عن قلوب ماتت من كثرة البكاء ، وعقول أصيبت بالجنون من كثرة التفكير ، وأجسام أهلكت من كثرة البحث. نجد الفقير هو صاحب النصيب الأكبر من تلك التركة الثقيلة التى أهلكت عقله وقلبه وجسده .
بالفعل لا استطيع الكتابة فى ظل تلك الدموع التى تتساقط من عينى ، نعم إنها كالأمطار التى يحيط بها البرق والرعد من جميع الجهات . ليتنى استطيع أن أتحمل جزءا من معاناة الفقير فى الدنيا فتحملى لتلك المعاناة أهون على قلبى من تحملها يوم القيامة .
لقد ضل الكثيرون منا الطريق وظنوا إنما خلقوا أغنياء وفى أفواههم معالق من ذهب . إننا ياسادة للأسف الشديد أخطأنا الطريق بإهمالنا للفقراء وللأسف الشديد فالفقراء هم الغالبية من فئات الشعب .
ولكن دعنى سيدى القارئ اسرد لك ما هو مفهوم الفقير : أن الفقير هو الشخص العاجز عن كسب قوت يومه كى يربى أبناءه ويصرف عليهم ويعلمهم كما يتعلم بقية أفراد الشعب . فالفقير هو الشخص الذى تتساقط دموعه ليس من جوعه وإنما من جوع أطفاله والذى يشاهدهم يصرخون أمامه من قلة الطعام وندرة الملابس .
تخيل معى سيدى القارئ انك لا تستطيع إن تشبع جوع أطفالك أو تلبسهم افخر الملابس الجديدة كى يفرحون كما يفرح الأطفال من حولهم. إذن فهى الفاجعة لو حدث أمامك ذلك ولم تتحرك . اعلم فى ذات اللحظة انك تحولت من إنسان طيب الضمير الى إنسان معدوم الضمير .
ولكن هل كل من يمد يده للناس فقير . للأسف الإجابة لالا . فهناك العديد من الأشخاص يلبسون قناع الفقر من أجل حصد الأموال فهى وسيلة سهلة للثراء السريع بدون معاناة . ونجد فى المقابل أن من يستحقون التبرع والصدقة لا ينالون قسطا من تلك التبرعات . إذن فنحن فى حاجة إلى وزارة للفقراء. هذا هو المسمى الخاص بى . ولكن دعوكم من المسمى فلتسموها كما تريدون ولكن الهام فى الأمر كله هو إيجاد منظومة تشعر بمرارة الفقير فعلا الذى يستحق الصدقة . سمعنا عن بنك الطعام والشراب . سمعنا عن زكاة الفطر . سمعنا عن زكاة المساجد والكنائس . ولكن ليس الحل فى التبرعات فقط .
وإنما الحل يتمثل فى مثال بسيط سبق وان سمعناه جميعا وهو ( لا تعطينى سمكة ولكنى علمنى كيف اصطاد السمكة ) نعم نحن فى اشد الحاجة لتطبيق هذا المثل . لقد مللنا من الصدقات التى لا تذهب إلى غير مستحقيها. لقد حان الوقت لانشاء صندوق للفقراء تحت إشراف الدولة من اجل بناء مشروعات جديدة لهم من اجل خلق فرص عمل جديدة لهم تساعدهم فى الاعتماد على أعمالهم من أجل كسب قوت يومهم وليست مساعدات وقتية كالصداقات تنتهى بانتهاء موعدها . وتصنع لنا فقراء مزيفين لا نعلم أهم بالفعل فقراء أم لا . إذا كنا نريد أن نبنى دولة قوية الأركان . فلنعلم جميعا إن الفقراء أصبحوا الان هم ركن من أركان الدولة
تعالوا بنا نتخيل ماذا لو أهملنا الفقراء ؟
إنها الكارثة . سبق وان أشرت فى العديد من المقالات عن جمهورية العشوائيات وماذا يترتب عن إهمالها . فحدث ولا حرج عن ظهور منابع وخلايا الإرهاب والذى يجد البيئة المناسبة للنمو وسط الفقراء فيستغلون حاجتهم للمال من أجل تنفيذ مخططات إرهابية تضر بالأمن والوطن. والكارثة تتمثل أيضا فى ظهور البؤر الإجرامية المتخصصة فى سرقة السيارات والبلطجة على المواطنين.
كل ذلك دون أشير إلى نتيجة هامة جدا لاتستحق أن اكتبها فى سطور وإنما تستحق مقالا جديدا . إلا وهى عصابات خطف الأطفال والسيدات وسرقة الأعضاء والتى أصبحت إشاعات اقرب منها إلى الحقيقة فكثيرون يقصون تجاربهم فى الشارع مع تلك العصابات والتى تتخذ من أطفال الشوارع والفقراء سبيلا لهم من اجل سرقة وخطف السيدات والأطفال ...
أنها كارثة لا يجب أن تعبر علينا عبور الكرام . نعم مصر الآن تحاول الصعود من عثرتها الاقتصادية وستنهض مصر بإذن الله . ولكن يجب وضع خطوط عريضة تحت تلك المشاكل الموقوتة والتى تنفجر كالبركان بدون علم ولا زمان.
حفظ الله مصر وحفظ شعبها وجيشها