صرخة أطلقُها مكتومة .. بعدما نظرت الأتراب
التقينا صدفة فى عزاء .. وقد عز لقاء الأصحاب
هالنى منهم ما رأيت .. وفعل بهم الزمان وأصاب
اشتعلت الرؤوس بياض .. وسواد المفرق شاب
تصدع بنيان وأركان .. ووهن للقلوب أذاب
كأنهم أعجاز نخل .. نخر السوس اللباب
يخشون قسوة خريف .. زحف على الألباب
كم شيدوا من مبانى .. وجمعوا كنوزاً وأموال
صال البعض فى الخليج .. وفى سماء الفرنجة جال
كم سهروا من ليالى .. وقطعوا الأرض والجبال
وحلقت بهم الأمانى .. وعزوة البنين والمال
مرت عقود وسنين .. وضاعت أحلام وآمال
تيبست الأرض والشريان .. وجف منهما الماء
تركوا الحياة وراءهم .. وباتوا فى انتظار الفناء
غربت شمس الربيع .. وزحف ليل الشتاء
هالنى ما صاروا إليه .. وعلى الدرب عواء
ما كنت أظننى انتهيت .. والموت على الأبواب
حتى رأيت ما رأيت .. وأدركت أنى فى الركاب
فالأصدقاء لى مرآة .. وساءنى نقش الزمان
دعوت عتمة صفحتها .. أو غشاوة تصيب العينان
قد عشت جنة الشباب .. وأفقت على جحيم الوجدان
أصحاب لهم معزة .. ليت لم يجمعنا الزمان