محمد محمود حبيب يكتب: خطر المبالغة فى الإعجاز العلمى عند الدواعش وأمثالهم

داعش ينقصها التعقل وإدراك الأمور، ومبدأ عدم إدراك الأمور هو غفلة وتيه، يسيطر على الدواعش ومتشددى السلفية فلا يستطيعون الوقوف، وإذا وقفوا لم يشعروا، وإذا شعروا لا يعتبرون، وينشأ عن هذه الغفلة غفلة أخرى عن سنن الله الثابتة. وقصور عن إدراك الأحداث وربطها بقوانينها الكلية، وهى الميزة التى تميّز الإنسان المدرك من الحيوان البهيم، الذى يعيش حياته منفصلة اللحظات والحالات؛ لا رابط لها، ولا قاعدة تحكمها، فأحيانا الجمال وطُهر النفوس يكون مصدرًا لمساعدة الآخر، ألا ترى الألوان العجيبة فى الأزهار تجذب النحل والفراش (جمع فراشة) مع الرائحة الخاصة التى تفوح.. هكذا تؤدى الزهرة وظيفتها عن طريق جمالها!. والتطهر معنى لطيف شفاف ليس قاصرا على التطهر بالوضوء بل يشمل طهارة القلب وخوالجه ومشاعره، ويشمل السلوك واتجاهاته وآثاره، وهو معنى موحِ رفّاف.

ومن علامات نقص الجمال النفسى والطهارة الروحية المبالغة فى مسألة الإعجاز العلمى، نعم لأن مؤيدى هذه المبالغات فشلوا فى تقديم الصورة الصحيحة لدينهم بكفاءتهم الشخصية فراحوا يبحثون عن مقويات ومنشطات دينية يقدمونها للناس! وخطر المبالغة فى الإعجاز العلمى للقرآن والسنة ليس لأنه مرفوض من الأساس، بل هو متحقق وثابت، وليس وهما، وليس التعلق به هو السبب الرئيسى فى رضا شعوبنا عن التراجع العلمى الذى نحن فيه!! بل يجب الحذر والحيطة من هذه الأمور حتى لا تعود بآثار سلبية عند ظهور اكتشاف علمى ثان يخالف الأول ، فضلاً عن أن هذه الاكتشافات تتعارض أحياناً مع ما ثبت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أو السلف ومنها على سبيل المثال (مثال واحد) وهو الاعتقاد بأن بقاء جثة فرعون محنطة فى المتحف المصرى!! ويظن البعض أنه إعجاز لقول الله عز وجل: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ سورة يونس آية (92).

ويا أيها الدواعش ومتشددى السلفية ألم يرد عن السلف أن المقصود بنجاة بدن فرعون هو ظهوره على نجوة أو مكان عالِ ليراه قومه ليكون آية لهم وليس له علاقة بوجود جثته فى المتحف محنطة بعد زمن، فيقول الطبرى فى تفسيره (15/194، 195): "اليوم نجعلك على نَجوةٍ من الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكًا من كذّب بهلاكك، ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾، يقول: لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك، فينزجرون عن معصية الله، والكفر به والسعى فى أرضه بالفساد، و"النجوة"، الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض، ومنه قوله أوس بن حجر: فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنْجوَتِهِ .. وَالمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِى بِقِرْوَاحِ ثم أورد الطبرى أقوال السلف فى ذلك ومنها: عن قتادة: ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ قال: لما أغرق الله فرعون لم تصدِّق طائفة من الناس بذلك، فأخرجه الله آيةً وعظةً.

وعن ابن جريج قال: كذّب بعض بنى إسرائيل بموت فرعون، فرمى به على ساحل البحر ليراه بنو إسرائيل.

قلت: ولا يكتفى هؤلاء المبالغون فى الإعجاز بذلك، بل يقولون إن ذراع جثة فرعون أعوج، وقالوا إنه من ارتطام الموج فحدث له تيّبس فشُل ذراعه!!! وهذا عجيب فكيف يحدث ذلك وقد قال الله عز وجل ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِى آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائيل وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ سورة يونس آية (90).

ويفهم من كلام الله عز وجل أن عنصر المفاجأة وحدوث تيبّس لفرعون غير وارد لأنه كانت عنده فرصة ليتكلم!! والمقلق فى الأمر أنه بعد فترة يمكن أن يكتشفوا أنها ليست جثته فحينئذ سيُكذّب الناس بالقرآن لأن جثة فرعون لم تبق آية !! كما قال الله عز وجل على حسب فهمهم. وهذا مثال واحد على عدم التسرع فى التعلق بأى اكتشاف علمى ، بل لا نكذّبه ولا نصدّقه ، لأن الاكتشافات متغيّرة ، وإذا كانت هناك موافقات بين إعجاز القرآن والعلم ، إلا أنه يجب الحذر وعدم الجرى وراء أى اكتشاف علمى حتى نتيقن من ثبوته.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;