حياة الإنسان قصيرة جدًا يعتقد البعض أنه سيعيش قرونًا وسنوات، سيبنى منازل وأبراج، سيجمع المال ويبنى له خزانات، سيرفع صوته دائمًا فهناك من يطيع.. تمر عليه السنة وهو يحمل داخل قلبه ضغائن وإدانة للآخرين فلا يوجد فى قلبه مكانًا للتسامح، يخسر أهله وأصدقاءه فالكبرياء يتملكه.. هذا هو الجاهل، أما الحكيم فهو يعرف جيدًا أن حياته تتطاير كالبخار فالموت لا يَخشى أحدًا، ولا يبقى على أحد، ولا تأخذه شفقة على أحد.. يبنى لآخرته، يفعل الخير، يساعد الجميع دون تمييز، يجبر المكسور ويطيب خاطر الحزين، يزور المريض، يتعاطف مع الفقير ويعطيه من أعوازه، يصلح العلاقات المكسورة ويضمد الجراح... أنها فرص سانحة وقد لا نجدها أبدًا.. إنها فرصة لكى نصلح من شأننا ونُعدّل من مسارنا، ونَمضى قُدُمًا من نجاحٍ لنجاح. وهذا هو ما يريدنا الله أن نحققه.
لابد أن نجلس مع ذاتنا و نقيم أنفسنا فى نهاية العام ماذا حققنا وما الذى لم نحققه، لا يجب أن نلتمس الأعذار لأنفسنا بل يكون الحكم على أنفسنا عادل صادق حتى يتم التقويم.
قد يحمل العام الفائت بعض الجراحات أو إخفاقات لكن انظُر للعام الآتى كعطيّةٍ مَنحَها الله تعالى لك وفُرصةٍ أُخرى لك تصلح من ذلك ومادام العام الْجديد هو عطيّةٌ مِن الله لنا، سَنةٌ جديدةٌ يُضيفها لأعمارنا، فنحن نحتاج أن نقترب مِن الله بالصلاة، طالِبين هِدايتَه وإرشادَه.
إن أردت أن تتمتّع بالرّاحة والسّلام لابد أن تقدم تنازُلاتٍ أو اعتذاراتٍ أو ردَّ كرامةٍ لشخصٍ ربّما تكون قد أسأت إليه من قبل. وهذا يتطلب شجاعةٍ، وأن تضع الكبرياء جانبًا، حتّى يُمكِنك أن تبدأ العام الْجديد بسلامٍ وهدوء داخل القلب فما أجمل ذلك الشعور بالسلام الداخلى وأن تشعر بأنه لا يوجد أحد يحمل فى قلبه كره أو ضغينة لك.. ما أجمل هذا الشعور عندما تذهب للنوم وأنت خال من الهموم فالجميع يحمل لك الامتنان يحبونك فأنت لم تكره من قبل وتعمل الخير للجميع دون تمييز.. فى العمل الكل يحبك يبحثون عنك صباحًا لكى يلقوا عليك التحية فهم يتفائلون برؤيتك.
نرفع دعاءنا إلى الله أن يكون العام الجديد عامًا مختلفًا، يعم فيه السلام على المسكونة كلها، تذهب الحروب دون رجعة، يرتاح شعب سوريا وليبيا والعراق واليمن من ويلات الحروب ويعود السلام إلى أرضهم، أن يحمى مصر من كل مكيدة.. وكل عام وأنتم بخير.